للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس من الحزم أن يجعل الحكيم للملك على نفسه طريقاً، وهو إن سلم من عذل الملك ولائمته لكرم الملك وشيمته، قدح ذلك في نفس الملك، واضطغن عليه. وبالحرى أن لا يسلم من عذلٍ وتأنيب.

[إمامة الملك للصلاة]

ومن حق الملك، إذا حضرت الصلاة، فالملك أولى بالإمامة، لخصالٍ: منها أنه الأمام، والرعية مأمونة؛ ومنها أنه المولى وهم العبيد؛ ومنها أنه أولى بالصلاة في قرار داره وموطيء بساطة، ولو حضر مجلسه أزهد الخلق وأعلمهم.

فإذا قام للصلاة، فمن حقه أن يكون بينه وبين من يصلي خلفه عشرة أذرع، وأن لا يتقدمه أحد بتكبير ولا بركوعٍ ولا سجودٍ ولا قيامٍ.

وهذا، وإن كان يجب لكل من أم قوماً من صغير أو كبير أو شريف أو وضيع، فهو للملك أوجب. فإذا سلم الملك، فمن حقه أن يقوم كل من صلى خلفه قائماً، فإنهم لا يدرون أيريد تنفلاً أو دخولاً أو قعوداً في مجلسه.

فإن قام لنافلةٍ، فليس من حقه أن يتنفلوا، لأنهم لا يدرون لعله أن يسبقهم أو يقطع صلاته لحدثٍ، فيكون يحتاج إلى أن يسبقهم، وهو قيام يصلون بإزائه، وهو قاعد. ولكن من حقه أن يكونوا بحالهم حتى يعلموا ما الذي يفعل. فإن قعد، انحرفوا إلى حيث لا يراهم، فصلوا نوافلهم، وإن دخل في الصلاة، صلوا على مكاناتهم.

<<  <   >  >>