للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا عن أبي العباس أنه غضب على رجل ذهب عني اسمه، فذكره ليلةً من الليالي، فقال له بعض سماره: يا أمير المؤمنين! فلان لو رآه أعدى خلق الله له، لرحمه وانعصر له قلبه. قال: ولم ذاك؟ قال: لغضب أمير المؤمنين عليه. قال: ماله من الذنب ما يبلغ به من العقوبة هذا الموضع. قال: فمن عليه، يا أمير المؤمنين، برضاك. قال: ما هذا وقت ذاك! قال: قلت إنك يا أمير المؤمنين لما صغرت ذنبه، طمعت في رضاك عنه. قال: إنه من لم يكن بين غضبه ورضاه مدة طويلة، لم يحسن أن يغضب ولا يرضى.

[وعلى هذا أخلاق الملوك وصنيعهم]

وكذا جرى لعبد الله بن مالك الخزاعي مع الرشيد، حين غضب عليه: أمر أهله وحشمه وجميع قرابته أن يجتنبوا كلامه وخدمته ومعاطاته حتى أثر ذلك في نفسه وبدنه، فتحاماه أقرب الناس منه من ولدٍ وأهل، فلم يدن منه أحد، ولم يطف به.

فجاءه محمد بن إبراهيم الهاشمي، وهو كان أحد أدوائه، في جوف الليل، فقال له: يا أبا العباس! إن لك عندي يداً لا أنساه، ومعروفاً ما أكفره، وقد علمت ما تقدم به أمير المؤمنين في أمرك، وهاأنذا بين يديك، ونصب عينيك! فمرني بأمرك، فوالله

<<  <   >  >>