للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خيرك بين الانصراف إلى دور نسائك أو المقام ههنا إلى رجوعه، فاختر المقام، وأخبره أن الحركة تصعب عليك. فإذا أجابك إلى ذلك، جئت في أول الليل، ولبثت عندك إلى آخره.

فسكن الرقيع إلى هذه الأنسة، وانصرف الجارية إلى الملك، فأخبرته بكل ما دار بينها وبينه.

فلما كان الوقت الذي وعدته أن يخرج الملك فيه، دعاه الملك، فقال للرسول: أخبره أني عليل. فلما جاءه الرسول وأخبره، تبسم أبرويز، وقال: هذا أول الشر. فوجه إليه بمحفةٍ، فحمل فيها حتى أتاه، وهو معصب الرأس. فلما بصر به من بعيد، قال: والعصابة الشر الثاني. وتبسم.

فلما دنا من الملك، سجد، فقال له أبرويز: متى حدثت بك هذه العلة؟ قال: في هذه الليلة. قال: فأي الأمرين احب إليك: الانصراف إلى منزلك ونسائك ليمرضنك، أو المقام ههنا إلى وقت رجوعي؟ قال: ههنا، أيها الملك، أرفق لي، لقلة الحركة.

فتبسم أبرويز، وقال: ما صدقت! حركتك ههنا، إن خلفتك، أكثر من حركتك في منزلك.

ثم أمر أن تخرج له عصا الزناة التي كان يوسم بها من زنى. فأيقن الرجل بالشر. وأمر أن يكتب ما كان من أمره حرفاً حرفاً، فيقرأ على الناس إذا حضروا، وأن ينفى إلى أقصى حد المملكة، ويجعل العصا في رأس رمحٍ تكون معه حيث كان، ليحذر منه من لا يعرفه. فلما أخرج بالرجل عن المداين، متوجهاً به نحو فارس، أخذ مديةً كانت مع بعض الأعوان الذين وكلوا به، فجب بها ذكره، وقال: من أطاع عضواً من أعضائه صغيراً، أفسد عليه أعضاءه كلها، صغارها وكبارها، فمات من ساعته.

<<  <   >  >>