للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليه.

فبصر به بعض حشمه، فصاح به: ألق ما عليك! فقال الأعرابي: لا لعمري! لا ألقيه ولا كرامة! هذا كسوة أمير المؤمنين وخلعته.

فضحك سليمان، وقال: صدق، أنا كسوته. فمر كأنه إعصار الريح.

وأحسن من هذا ما فعله جعفر بن سليمان بن علي بالأمس، وقد عثر برجلٍ سرق درةً رائعةً، أخذها من بين يديه. فطلبت بعد أيامٍ، فلم توجد. فباعها الرجل ببغداد، وقد كانت وصفت لأصحاب الجوهر. فأخذ وحمل إلى جعفر، فلما بصر به، استحيا منه، وقال: ألم تكن طلبت هذه الدرة مني، فوهبتها لك؟ قال: بلى.

قال: لاتعرضوا له. فباعها بمائتي ألف درهم.

[إكرام الأوفياء]

ومن أخلاق الملك إكرام أهل الوفاء وبرهم والاستنامة إليهم والثقة بهم والتقدمة لهم على الخاص والعام، والحاضر والبادي.

وذلك انه لا يوجد في الإنسان فضيلة أكبر ولا أعظم قدراً، ولا أنبل فعلاً من الوفاء. وليس الوفاء شكر اللسان فقط، لأن شكر اللسان ليس على أحدٍ منه مؤونة.

واسم الوفاء مشتمل على خلال:

فمنها أن يذكر الرجل من أنعم عليه، بحضرة الملك فمن دونه. فإن كان الملك

<<  <   >  >>