للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَنْهُ النَّصُّ بِعَدَمِ الْبَسْمَلَةِ، فَلَوْ بَسْمَلُوا لَصَادَمُوا النَّصَّ بِالِاخْتِيَارِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ.

وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى عَدَمِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ، وَابْنِ سُفْيَانَ صَاحِبِ " الْهَادِي "، وَأَبِي الطَّاهِرِ صَاحِبِ " الْعُنْوَانِ " وَشَيْخِهِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الطَّرَسُوسِيِّ صَاحِبِ " الْمُسْتَنِيرِ "، وَ " الْإِرْشَادِ "، وَ " الْكِفَايَةِ "، وَسَائِرِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ وَالْمُحَقِّقِينَ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

تَنْبِيهَاتٌ

(أَوَّلُهَا) تَخْصِيصُ السَّكْتِ وَالْبَسْمَلَةِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ مُفَرَّعٌ عَلَى الْوَصْلِ وَالسَّكْتِ مُطْلَقًا. فَمَنْ خَصَّهَا بِالسَّكْتِ، فَإِنَّ مَذْهَبَهُ فِي غَيْرِهَا الْوَصْلُ، وَمَنْ خَصَّهَا بِالْبَسْمَلَةِ فَمَذْهَبُهُ فِي غَيْرِهَا السَّكْتُ وَلَيْسَ أَحَدٌ يَرْوِي الْبَسْمَلَةَ لِأَصْحَابِ الْوَصْلِ كَمَا تَوَهَّمَهُ الْمُنْتَجَبُ، وَابْنُ بُصْخَانَ، فَافْهَمْ ذَلِكَ فَقَدْ أَحْسَنَ الْجَعْبَرِيُّ فِي فَهْمِهِ مَا شَاءَ وَأَجَادَ الصَّوَابَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَانْفَرَدَ الْهُذَلِيُّ بِإِضَافَتِهِ إِلَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ مَوْضِعًا خَامِسًا، وَهُوَ الْبَسْمَلَةُ بَيْنَ الْأَحْقَافِ وَالْقِتَالِ عَنِ الْأَزْرَقِ، عَنْ وَرْشٍ وَتَبِعَهُ فِي ذَلِكَ أَبُو الْكَرَمِ، وَكَذَلِكَ انْفَرَدَ صَاحِبُ " التَّذْكِرَةِ " بِاخْتِيَارِ الْوَصْلِ لِمَنْ سَكَتَ مِنْ أَبِي عَمْرٍو، وَابْنِ عَامِرٍ، وَوَرْشٍ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ وَهِيَ: الْأَنْفَالُ بِبَرَاءَةَ، وَالْأَحْقَافُ بِالَّذِينِ كَفَرُوا، وَاقْتَرَبَتْ بِالرَّحْمَنِ، وَالْوَاقِعَةُ بِالْحَدِيدِ، وَالْفِيلُ بِـ " لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ ". قَالَ الْحَسَنُ: ذَلِكَ بِمُشَاكَلَةِ آخِرِ السُّورَةِ لِأَوَّلِ الَّتِي تَلِيهَا.

(ثَانِيهَا) أَنَّهُ تَقَدَّمَ تَعْرِيفُ السَّكْتِ، وَأَنَّ الْمُشْتَرَطَ فِيهِ يَكُونُ مِنْ دُونِ تَنَفُّسٍ، وَأَنَّ كَلَامَ أَئِمَّتِنَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ طُولُ زَمَنِهِ وَقِصَرُهُ، وَحِكَايَةُ قَوْلِ سِبْطِ الْخَيَّاطِ:

إِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ طُولِ زَمَنِ السَّكْتِ بِقَدْرِ الْبَسْمَلَةِ، وَقَدْ قَالَ أَيْضًا فِي " كِفَايَتِهِ " مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَرُوِيَ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو إِسْرَارُهَا، أَيْ: إِسْرَارُ الْبَسْمَلَةِ. قُلْتُ: وَالَّذِي قَرَأْتُ بِهِ وَآخُذُ: السَّكْتُ عَنْ جَمِيعِ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ السَّكْتُ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ سَكْتًا يَسِيرًا مِنْ دُونِ تَنَفُّسٍ قَدْرَ السَّكْتِ