للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدِ اخْتَصَّ حَمْزَةُ بِذَلِكَ مِنْ حَيْثُ إِنَّ قِرَاءَتَهُ اشْتَمَلَتْ عَلَى شِدَّةِ التَّحْقِيقِ وَالتَّرْتِيلِ وَالْمَدِّ وَالسَّكْتِ، فَنَاسَبَ التَّسْهِيلُ فِي الْوَقْفِ ; وَلِذَلِكَ رَوَيْنَا عَنْهُ الْوَقْفَ بِتَحْقِيقِ الْهَمْزِ إِذَا قَرَأَ بِالْحَدْرِ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. هَذَا كُلُّهُ مَعَ صِحَّةِ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ عِنْدَهُ وَثُبُوتِ النَّقْلِ بِهِ لَدَيْهِ. فَقَدْ قَالَ فِيهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيِّ: مَا قَرَأَ حَمْزَةُ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا بِأَثَرٍ.

(قُلْتُ) : وَقَدْ وَافَقَ حَمْزَةَ عَلَى تَسْهِيلِ الْهَمْزَةِ فِي الْوَقْفِ حُمْرَانُ بْنُ أَعْيَنَ، وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ الْأَعْمَشُ فِي أَحَدِ وَجْهَيْهِ، وَسَلَّامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الطَّوِيلُ الْبَصْرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَعَلَى تَسْهِيلِ الْمُتَطَرِّفِ مِنْهُ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ فِي أَحَدِ وَجْهَيْهِ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، عَنْ قَالُونَ فِي الْمَنْصُوبِ الْمُنَوَّنِ، وَسَأُبَيِّنُ أَقْسَامَ الْهَمْزِ فِي ذَلِكَ، وَأُوَضِّحُهُ، وَأُقَرِّبُهُ، وَأَكْشِفُهُ، وَأُهَذِّبُهُ، وَأُحَرِّرُهُ، وَأُرَتِّبُهُ، لِيَكُونَ عُمْدَةً لِلْمُبْتَدِئِينَ، وَتَذْكِرَةً لِلْمُنْتَهِينَ، وَاللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.

(فَأَقُولُ) الْهَمْزُ يَنْقَسِمُ إِلَى سَاكِنٍ وَمُتَحَرِّكٍ. فَالسَّاكِنُ يَنْقَسِمُ إِلَى مُتَطَرِّفٍ، وَهُوَ مَا يَنْقَطِعُ الصَّوْتُ عَلَيْهِ، وَإِلَى مُتَوَسِّطٍ، وَهُوَ مَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، أَمَّا السَّاكِنُ الْمُتَطَرِّفُ فَيَنْقَسِمُ إِلَى لَازِمٍ لَا يَتَغَيَّرُ فِي حَالَيْهِ، وَعَارِضٍ يُسَكَّنُ وَقْفًا، وَيَتَحَرَّكُ بِالْأَصَالَةِ وَصْلًا، فَالسَّاكِنُ اللَّازِمُ يَأْتِي قَبْلَهُ مَفْتُوحٌ مِثْلَ (اقْرَأْ) وَمَكْسُورٌ مِثْلَ (نَبِّئْ) وَلَمْ يَأْتِ بِهِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَهُ مَضْمُومٌ، وَمِثَالُهُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ (لَمْ يَسُؤْ) وَالسَّاكِنُ الْعَارِضُ يَأْتِي قَبْلَهُ الْحَرَكَاتُ الثَّلَاثُ، فَمِثَالُهُ وَقَبْلَهُ الضَّمُّ (كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ، إِنِ امْرُؤٌ) وَمِثَالُهُ وَقَبْلَهُ الْكَسْرُ (مِنْ شَاطِئِ، وَيُبْدِئُ، وَقُرِئَ) وَمِثَالُهُ وَقَبْلَهُ الْفَتْحُ (بَدَأَ، وَقَالَ الْمَلَأُ. وَعَنِ النَّبَإِ) وَأَمَّا السَّاكِنُ الْمُتَوَسِّطُ فَيَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ: مُتَوَسِّطٌ بِنَفْسِهِ وَمُتَوَسِّطٌ بِغَيْرِهِ. فَالْمُتَوَسِّطُ بِنَفْسِهِ يَكُونُ قَبْلَهُ ضَمٌّ نَحْوُ (المؤتفكة، وَيُؤْمِنَّ) وَكَسْرٌ نَحْوُ (بِئْرٍ، وَنَبِّئْنَا) وَمَفَتْوحٌ نَحْوُ (كَأْسٍ، وَتَأْكُلْ) وَالْمُتَوَسِّطُ بِغَيْرِهِ عَلَى قِسْمَيْنِ: مُتَوَسِّطٌ بِحَرْفٍ، وَمُتَوَسِّطٌ بِكَلِمَةٍ. فَالْمُتَوَسِّطُ بِحَرْفٍ يَكُونُ قَبْلَهُ فَتْحٌ نَحْوُ (فَأْوُوا، وَآتُوا) وَلَمْ يَقَعْ قَبْلَهُ ضَمٌّ وَلَا كَسْرٌ، وَالْمُتَوَسِّطُ بِكَلِمَةٍ يَكُونُ قَبْلَهُ ضَمٌّ نَحْوُ (قَالُوا ايتِنَا، وَالْمَلِكُ ايتُونِي) وَكَسْرٌ نَحْوُ (الَّذِي اؤْتُمِنَ،