للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ فَرَحٍ عَنِ الْبَزِّيِّ أَنَّ الْأَصْلَ فِي ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْقَطَعَ عَنْهُ الْوَحْيُ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: قَلَى مُحَمَّدًا رَبُّهُ، فَنَزَلَتْ سُورَةُ وَالضُّحَى فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " اللَّهُ أَكْبَرُ "، وَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُكْبَرَ إِذَا بَلَغَ وَالضُّحَى مَعَ خَاتِمَةِ كُلِّ سُورَةٍ حَتَّى يَخْتِمَ.

(قُلْتُ) : وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنْ أَئِمَّتِنَا كَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ وَأَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ السَّخَاوِيِّ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ مُتَقَدِّمٍ وَمُتَأَخِّرٍ، قَالُوا: فَكَبَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شُكْرًا لِلَّهِ لَمَّا كَذَّبَ الْمُشْرِكِينَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ تَصْدِيقًا لِمَا أَنَا عَلَيْهِ وَتَكْذِيبًا لِلْكَافِرِينَ، وَقِيلَ: فَرَحًا وَسُرُورًا، أَيْ بِنُزُولِ الْوَحْيِ، قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْفِدَا بْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَلَمْ يُرْوَ ذَلِكَ بِإِسْنَادٍ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِصِحَّةٍ، وَلَا ضَعْفٍ، يَعْنِي كَوْنَ هَذَا سَبَبَ التَّكْبِيرِ وَإِلَّا فَانْقِطَاعُ الْوَحْيِ مُدَّةً، أَوْ إِبْطَاؤُهُ مَشْهُورٌ، رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ جُنْدَبٍ الْبَجَلِيِّ كَمَا سَيَأْتِي، وَهَذَا إِسْنَادٌ لَا مِرْيَةَ فِيهِ، وَلَا شَكَّ. وَقَدِ اخْتُلِفَ أَيْضًا فِي سَبَبِ انْقِطَاعِ الْوَحْيِ، أَوْ إِبْطَائِهِ، وَفِي الْقَائِلِ قَلَاهُ رَبُّهُ، وَفِي مُدَّةِ انْقِطَاعِهِ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اشْتَكَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَةً، أَوْ لَيْلَتَيْنِ فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَرَى أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَالضُّحَى - إِلَى - مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى، وَفِي رِوَايَةٍ أَبْطَأَ جِبْرِيلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: قَدْ وُدِّعَ مُحَمَّدٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَالضُّحَى، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ رَمَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَجَرٍ فِي أُصْبُعِهِ فَقَالَ:

هَلْ أَنْتِ إِلَّا أُصْبُعٌ دَمِيتِ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ

. قَالَ: فَمَكَثَ لَيْلَتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا لَا يَقُومُ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ: مَا أَرَى شَيْطَانَكَ إِلَّا قَدْ تَرَكَكَ، فَنَزَلَتْ وَالضُّحَى، وَهَذَا سِيَاقٌ غَرِيبٌ فِي كَوْنِهِ جُعِلَ سَبَبًا لِتَرْكِهِ الْقِيَامَ وَإِنْزَالِ هَذِهِ السُّورَةِ، قِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ هِيَ أُمُّ جَمِيلٍ امْرَأَةُ أَبِي لَهَبٍ وَقِيلَ بَعْضُ بَنَاتِ عَمِّهِ، وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ فَرَحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي بَزَّةَ بِإِسْنَادٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُهْدِيَ إِلَيْهِ قِطْفُ