للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يُظهرون الإسلام، ويبطنون الكفر، مثل عبد الله بن أبي رأس المنافقين، وأمثاله، وكانوا يخافون أن تكون للكفار دولةٌ، فكانوا يوالونهم، ويباطنونهم {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} أي نفاقٌ وضعف إيمان، {يُسَارِعُونَ فِيهِمْ} ، أي في معاونتهم.

{يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ} ، فقال الله تعالى: {فَعَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ} ، أي هؤلاء المنافقين (١) الذين يوالون أهل الذمة {عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ} .

فقد عرف أهل الخبرة أن أهل الذمة من اليهود والنصارى، والمنافقين يكاتبون أهل دينهم بأخبار المسلمين، وبما يطلعون على ذلك من أسرارهم حتى أُخذ جماعة من المسلمين في بلاد التتر، وسيس (٢) وغير ذلك بمطالعة أهل الذمة لأهل دينهم. ومن الأبيات المشهورة قول بعضهم:

كل العداوات قد ترجى مودتها ... إلا عداوة من عاداك في الدين (٣)


(١) في المصرية: المنافقون بالرفع.
(٢) بلدة في تركيا في جنوبها , وفي شرق مدينة أظنة , كانت عاصمة أرمينية الصغرى , فتحها المسلمون قديماً , ثم فتحها المماليك , ثم العثمانيون.
(٣) ورد هذا البيت منسوباً إلى الإمام الشافعي - رحمه الله - بروايتين هما:
كل العداوة قد ترجى مودتها ... إلا عداوة من عاداك عن حسد
- الأخرى:
كل العداوة قد ترجى إماتتها ... إلا عداوة من عاداك عن حسد
وانظر ديوان الشافعي جمع محمد عفيف الزعبي ص ٣٧ ومرجع المساجل قافيه الدال , ومناقب الشافعي للبيهقي ٢/٧٤ , والعقد الفريد ٢/٣٢١ وعيون الأخبار ٢/١٠.

<<  <   >  >>