للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ تَعَالَى وَإِذا جَاءَك الَّذين يُؤمنُونَ بِآيَاتِنَا فَقل سَلام عَلَيْكُم كتب ربكُم على نَفسه الرَّحْمَة أَنه من عمل مِنْكُم سوءا بِجَهَالَة ثمَّ تَابَ من بعده وَأصْلح فَأَنَّهُ غَفُور رَحِيم [سُورَة الْأَنْعَام ٥٤]

وَالْمُؤمن لَا يزَال يخرج من الظُّلُمَات إِلَى النُّور ويزداد هدى فيتجدد لَهُ من الْعلم وَالْإِيمَان مَا لم يكن قبل ذَلِك فيتوب مِمَّا تَركه وَفعله وَالتَّوْبَة تصقل الْقلب وتجليه مِمَّا عرض لَهُ من رين الذُّنُوب كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن العَبْد إِذا أذْنب نكتت فِي قلبه نُكْتَة سَوْدَاء فَإِن تَابَ وَنزع واستغفر صقل قلبه وَإِن زَاد زيد فِيهَا حَتَّى تعلو قلبه فَذَلِك الران الَّذِي قَالَ الله كلا بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [سُورَة المطففين ١٤]

وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الحَدِيث الصَّحِيح إِنَّه ليغان على قلبِي وَإِنِّي لأستغفر الله فِي الْيَوْم مائَة مرّة

التَّوْبَة من الاعتقادات أعظم من التَّوْبَة من الإرادات

وَالتَّوْبَة من الاعتقادات أعظم من التَّوْبَة من الإرادات فَإِن من ترك وَاجِبا أَو فعل قبيحا يعْتَقد وُجُوبه وقبحه كَانَ ذَلِك الِاعْتِقَاد دَاعيا لَهُ إِلَى فعل الْوَاجِب ومانعا من فعل الْقَبِيح فَلَا يكون فِي فعله وَتَركه ثَابت الدَّوَاعِي والصوارف بل تكون دواعيه وصوارفه متعارضة وَلِهَذَا يكون الْغَالِب على هَذَا التَّلَوُّم وَتَكون نفسهم لوامة تَارَة يؤدون الْوَاجِب وَتارَة يتركونه وَتارَة يتركون الْقَبِيح وَتارَة يَفْعَلُونَهُ كَمَا تَجدهُ فِي كثير من فساق الْقبْلَة الَّذين يؤدون الْحُقُوق تَارَة ويمنعونها أُخْرَى ويفعلون السَّيِّئَات تَارَة ويتركونها

<<  <  ج: ص:  >  >>