للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتبعُون إِلَّا الظَّن وَمَا تهوي الْأَنْفس وَلَقَد جَاءَهُم من رَبهم الْهَدْي فجهلوا الْمَقَاصِد والوسائل فَكَانُوا ضَالِّينَ يقصدون مَا يَنْفَعهُمْ ويلذهم وهم لَا يعْرفُونَ عين مقصودهم وَلَا الطَّرِيق إِلَيْهِ وَصَارَ عامتهم غواة منهمكين فِي اللَّذَّات الَّتِي تَضُرهُمْ

ضل النَّصَارَى كَذَلِك فِي أَمر اللَّذَّات

وَالنَّصَارَى ضارعوهم فِي بعض ذَلِك حِين كذبُوا بِكَثِير مِمَّا وعدوا بِهِ فِي الْآخِرَة من اللَّذَّات وَضَلُّوا بِمَا ابتدعوه من الْعِبَادَات فَكَانُوا ضَالِّينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَلَا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وَضَلُّوا عَن سَوَاء السَّبِيل وَلِهَذَا يغلب على عوامهم الغي وَاتِّبَاع شهوات الغي إِذْ لم يحرموا عَلَيْهِم شَيْئا من المطاعم والمشارب

الْيَهُود أعلم لكِنهمْ غواة قساة

وَأما الْيَهُود فهم أعلم بِالْمَقْصُودِ وَطَرِيقه لكِنهمْ غواة قساة مغضوب عَلَيْهِم

ويتبين ذَلِك بأصلين أَحدهمَا أَنهم اعتقدوا أَن اللَّذَّات الحسية والوهمية لَيست لذات فِي الْحَقِيقَة وَإِنَّمَا هِيَ دفع آلام وَرُبمَا حسنوا الْعبارَة فَقَالُوا لَيْسَ الْمَقْصُود بهَا التنعم وَإِنَّمَا الْمَقْصُود بهَا دفع الْأَلَم بِخِلَاف اللَّذَّات الْعَقْلِيَّة الروحانية فَإِنَّهَا هِيَ اللَّذَّات فَقَط وَهِي الْمَقْصُودَة لذاتها فَقَط وَعَن هَذَا يدْفَعُونَ أَن تكون للنفوس بعد مُفَارقَة الدُّنْيَا لذات حسية أَو وهمية وَإِنَّمَا يكون لَهَا لذات روحانية فَقَط

<<  <  ج: ص:  >  >>