للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوله تَعَالَى إِن الْأَبْرَار لفي نعيم وَإِن الْفجار لفي جحيم

ووعد أهل الْإِيمَان وَالْعَمَل الصَّالح بالنعيم التَّام فِي الدَّار الْآخِرَة ووعد الْكفَّار بِالْعَذَابِ التَّام فِي الدَّار الْآخِرَة أعظم من أَن يذكر هُنَا وَهَذَا مِمَّا لم يُنَازع فِيهِ أحد من أهل الْإِسْلَام

من الْخَطَأ الظَّن بِأَن نعيم الدُّنْيَا لَا يكون إِلَّا لأهل الْكفْر والفجور

وَلَكِن تذكر هُنَا نُكْتَة نافعة وَهُوَ أَن الْإِنْسَان قد يسمع وَيرى مَا يُصِيب كثيرا من أهل الْإِيمَان وَالْإِسْلَام فِي الدُّنْيَا من المصائب وَمَا يُصِيب كثيرا من الْكفَّار والفجار فِي الدُّنْيَا من الرياسة وَالْمَال وَغير ذَلِك فيعتقد أَن النَّعيم فِي الدُّنْيَا لَا يكون إِلَّا لأهل الْكفْر والفجور وَأَن الْمُؤمنِينَ لَيْسَ لَهُم فِي الدُّنْيَا مَا يتنعمون بِهِ إِلَّا قَلِيلا وَكَذَلِكَ قد يعْتَقد أَن الْعِزَّة والنصرة قد تَسْتَقِر للْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ على الْمُؤمنِينَ وَإِذا سمع مَا جَاءَ فِي الْقُرْآن من أَن الْعِزَّة لله وَرَسُوله وَلِلْمُؤْمنِينَ وَأَن الْعَاقِبَة للتقوى وَقَول الله تَعَالَى وَإِن جندنا لَهُم الغالبون وَهُوَ مِمَّن يصدق بِالْقُرْآنِ حمل هَذِه الْآيَات على الدَّار الْآخِرَة فَقَط وَقَالَ أما الدُّنْيَا فَمَا نري بأعيننا إِلَّا أَن الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ فِيهَا يظهرون ويغلبون الْمُؤمنِينَ وَلَهُم الْعِزَّة والنصرة وَالْقُرْآن لَا يرد بِخِلَاف المحسوس ويعتمد على هَذَا فِيمَا إِذا أديل أديل عَلَيْهِ عَدو من جنس الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ أَو الظَّالِمين وَهُوَ عِنْد نَفسه من أهل الْإِيمَان وَالتَّقوى فَيرى أَن صَاحب الْبَاطِل قد علا

<<  <  ج: ص:  >  >>