للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- الدِّينِيَّة

وَأما الدَّين فجماعه شَيْئَانِ تَصْدِيق الْخَبَر وَطَاعَة الْأَمر

وَمَعْلُوم أَن التنعم بالْخبر بِحَسب شرفه وَصدقه وَالْمُؤمن مَعَه من الْخَبَر الصَّادِق عَن الله وَعَن مخلوقاته مَا لَيْسَ مَعَ غَيره فَهُوَ من أعظم النَّاس نعيما بذلك بِخِلَاف من يكثر فِي أخبارهم الْكَذِب

وَأما طَاعَة الْأَمر فَإِن من كَانَ مَا يُؤمر بِهِ صلاحا وعدلا ونافعا يكون تنعمه بِهِ أعظم من تنعم من يُؤمر بِمَا لَيْسَ بصلاح وَلَا عدل وَلَا نَافِع

وَهَذَا من الْفرق بَين الْحق وَالْبَاطِل فَإِن الله سُبْحَانَهُ يَقُول فِي كِتَابه الَّذين كفرُوا وصدوا عَن سَبِيل الله أضلّ أَعْمَالهم وَالَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات وآمنوا بِمَا نزل على مُحَمَّد وَهُوَ الْحق من رَبهم كفر عَنْهُم سيئاتهم وَأصْلح بالهم ذَلِك بِأَن الَّذين كفرُوا اتبعُوا الْبَاطِل وَأَن الَّذين آمنُوا اتبعُوا الْحق من رَبهم كَذَلِك يضْرب الله للنَّاس أمثالهم

وَقَالَ وَالَّذين كفرُوا أَعْمَالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن مَاء حَتَّى إِذا جَاءَهُ لم يجده شَيْئا وَوجد الله عِنْده فوفاه حسابه وَالله سريع الْحساب

وتفصيل ذَلِك أَن الْحق نَوْعَانِ حق مَوْجُود وَحقّ مَقْصُود وكل مِنْهُمَا ملازم للْآخر

فَالْحق الْمَوْجُود هُوَ الثَّابِت فِي نَفسه فَيكون الْعلم بِهِ حَقًا وَالْخَبَر عَنهُ حَقًا وَالْحق الْمَقْصُود هُوَ النافع الَّذِي إِذا قَصده الْحَيّ انْتفع بِهِ وَحصل لَهُ النَّعيم

<<  <  ج: ص:  >  >>