للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدع طَائِفَة من أهل الْإِثْبَات

فَرد على هَؤُلَاءِ من أهل الْإِثْبَات فأثبتوا عُمُوم قدرته وَعُمُوم مَشِيئَته وخلقه وَعلمه الْقَدِيم وكل هَذَا حسن مُوَافق للْكتاب وَالسّنة وَهُوَ مَعَ تَمام الْإِيمَان الْقدر بِعلم الله الْقَدِيم ومشيئته وخلقه وَقدرته على كل شَيْء لَكِن ضمُّوا إِلَى ذَلِك أَشْيَاء لَيست من السّنة

فَإِنَّهُ من السّنة أَن يفعل مَا يَشَاء وَيحكم مَا يُرِيد وَألا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون وَأَنه يَأْمر الْعباد بِطَاعَتِهِ وَمَعَ هَذَا يهدي من يَشَاء ويضل من يَشَاء كَمَا قَالَ تَعَالَى وَالله يدعوا إِلَى دَار السَّلَام وَيهْدِي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم

فزعموا مَعَ ذَلِك أَنه يخلق الْخلق لَا لحكمة فِي خلقهمْ وَلَا لِرَحْمَتِهِ لَهُم بل قد يكون خلقهمْ ليضرهم كلهم وَهَذَا عِنْدهم حِكْمَة فَلم ينزهوه عَمَّا نزه عَنهُ نَفسه من الظُّلم حَيْثُ أخبر أَنه إِنَّمَا يَجْزِي النَّاس بأعمالهم وَأَنه لَا يزر وَازِرَة وزر أخري وَأَنه من يعْمل من الصَّالِحَات وَهُوَ مُؤمن فَلَا يخَاف ظلما وَلَا هضما

بل زعما أَن كل مَقْدُور عَلَيْهِ فَلَيْسَ بظُلْم مثل تَعْذِيب الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ وتكريم الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ وَغير ذَلِك مِمَّا نزه الله نَفسه عَنهُ فَلم يكن الظُّلم الَّذِي نزه الله نَفسه عَنهُ حَقِيقَة عِنْد هَؤُلَاءِ إِذْ كل مَا يُمكن وَيقدر عَلَيْهِ فَلَيْسَ بظُلْم فَقَوله تَعَالَى وَمَا الله يُرِيد ظلما للعباد عِنْدهم لَا يُرِيد مَا لَا يكون مُمكنا مَقْدُورًا عَلَيْهِ وَهُوَ عِنْدهم لَا يقدر

<<  <  ج: ص:  >  >>