للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فخرجت من البيت، فدخلت في أستار الكعبة في ليلة قرة، فجاء النبي ﷺ فدخل الحجر، وعليه تبان (١)، فصلى ما شاء الله، ثم انصرف، فسمعت شيئا لم أسمع مثله، فخرج، فاتبعته فقال: "من هذا؟ " قلت: عمر. قال: "يا عمر ما تدعني ليلا ولا نهارا"، فخشيت أن يدعو عليَّ فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله. فقال: "يا عمر أسره". قلت: لا والذي بعثك بالحق لأعلننه، كما أعلنت الشرك.

وقال محمد بن عبيد الله ابن المنادى: حدثنا إسحاق الأزرق، قال: حدثنا القاسم بن عثمان البصري، عن أنس بن مالك، قال: خرج عمر ﵁ متقلدا السيف، فلقيه رجل من بني زهرة فقال له: أين تعمد يا عمر؟ قال: أريد أن أقتل محمدا. قال: فكيف تأمن في بني هاشم وبني زهرة، وقد قتلت محمدا؟ فقال: ما أراك إلا قد صبوت. قال: أفلا أدلك على العجب، إن ختنك وأختك قد صبوا وتركا دينك. فمشى عمر فأتاهما، وعندهما خباب، فلما سمع بحس عمر توارى في البيت، فدخل فقال: ما هذه الهينمة؟ وكانوا يقرءون "طه"، قالا: ما عدا حديثا تحدثناه بيننا. قال: فلعلكما قد صبوتما؟ فقال له ختنه: يا عمر إن كان الحق في غير دينك. فوثب عليه فوطئه وطئا شديدا، فجاءت أخته لتدفعه عن زوجها، فنفحها نفحة بيده فدمّى وجهها، فقالت وهي غضبى: وإن كان الحق في غير دينك إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله. فقال عمر: أعطوني الكتاب الذي هو عندكم فأقرؤه، وكان عمر يقرأ الكتاب، فقالت أخته: إنك رجس، وإنه لا يمسه إلا المطهرون، فقم فاغتسل أو توضأ، فقام فتوضأ، ثم أخذ الكتاب فقرأ: ﴿طه﴾ حتى انتهى إلى: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: ١ - ١٤]، فقال عمر: دلوا على محمد، فلما سمع خباب قول عمر خرج فقال: أبشر يا عمر فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله ﷺ لك ليلة الخميس: "اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام". وكان رسول الله ﷺ في أصل الدار التي في أصل الصفا. فانطلق عمر حتى أتى الدار وعلى بابها حمزة، وطلحة، وناس، فقال حمزة: هذا عمر، إن يرد الله به خيرا يسلم وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هينا. قال: والنبي ﷺ داخل يوحى إليه، فخرج حتى أتى عمر، فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف فقال: "ما أنت منته يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة؟ فهذا عمر! اللهم أعز الإسلام بعمر". فقال عمر: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك عبد الله ورسوله.


(١) تبان: سروال صغير يستر العورة المغلظة فقط، ويكثر لبسه الملاحون.

<<  <  ج: ص:  >  >>