للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: كان المختار في عشرين ألفًا. ثم إنَّ مصعبًا أساء، فأمَّن بقصر الإمارة خلقًا، ثم قتلهم غدرًا، وذبحت عمرة بنت النعمان بن بشير صبرًا؛ لأنها شهدت أن زوجها المختار عبد صالح. وأقبل في نجدة مصعب المهلّب بن أبي صفرة في الرجال والأموال، ولما خذل المختار قال لصاحبه: ما من الموت بد، وحبَّذا مصارع الكرام. وقلّ عليه القوت في الحصار والماء، وجاعوا في القصر، فبرز المختار للموت في تسعة عشر مقاتلًا. فقال المختار: أتؤمِّنُوني؟ قالوا: لا. إلّا على الحكم. قال: لا أحكم في نفسي. وقاتل حتى قُتِل، وأمكن أهل القصر من أنفسهم، فبعث إليهم عباد بن حصن، فكان يخرجهم مكتفين ويقتلهم. فقال رجل لمصعب بن الزبير: الحمد لله الذي ابتلانا بالأسر، وابتلاك أن تعفو، وهما منزلتان؛ إحداهما رضى الله، والأخرى سخطه، من عفا عفا الله عنه، ومن قتل لم يأمن القصاص، نحن أهل قبلتكم وعلى ملتكم، لسنا تركًا ولا ديلمًا، قاتلنا إخواننا كما اقتتل أهل الشام بينهم، ثم اصطلحوا وقد ملكتم، فأسجحوا. فرقَّ مصعب وَهَمَّ أن يدعهم، فوثب عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، وقال: اخترنا أو اخترهم. وقال آخر: قتل أبي في خمس مائة من همدان وتخليهم؟! وسمرت كف المختار إلى جانب المسجد.

وروى إسحاق بن سعيد، عن أبيه، قال: جاء مصعب يزور ابن عمر، فقال: أي عم! أسألك عن قوم خلعوا الطاعة، وقاتلوا حتى إذا غلبوا تحصنوا وطلبوا الأمان فأعطوا، ثم قتلوا. قال: كم العدد؟ قال: خمسة آلاف. فسبح ابن عمر، ثم قال: يا مصعب! لو أنَّ امرأ أتى ماشية الزبير، فذبح منها خمسة آلاف شاة في غداة، أكنت تعده مسرفًا؟ قال: نعم. قال: فتراه إسرافًا في البهائم، وقتلت من وحَّد الله، أما كان فيهم مكره أو جاهل تُرْجَى توبته؟! اصبب يا ابن أخي من الماء البارد ما استطعت في دنياك.

وقد كان المختار معظمًا لابن عمر، ينفذ إليه بالأموال، وكان ابن عمر تحته صفية أخت المختار.

ونشأ المختار بالمدينة، يُعْرَف بالميل إلى بني هاشم، ثم سار إلى البصرة يظهر بها ذكر الحسين في أيام معاوية، فأخبر به عبيد الله بن زياد، فأمسك، وضربه مائةً، ودرعه عباءة، ونفاه إلى الطائف، فلما عاذ ابن الزبير بالبيت خرج إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>