للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: مُرَادُ العِجْلِيِّ أَنَّهُم خَتَمُوا عَلَيْهِ تَلْقِيْناً, وَإِلاَّ فَقَدْ خَتَمَ عَلَيْهِ حَمْزَةُ, وَغَيْرُه عَرَضاً.

قَالَ عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: لَمْ نَرَ نَحْنُ مِثْلَ الأَعْمَشِ, وَمَا رَأَيْتُ الأَغْنِيَاءَ عِنْدَ أَحَدٍ أَحقَرَ مِنْهُم عِنْدَه مَعَ فَقرِه وَحَاجَتِه.

قُلْتُ: كَانَ عَزِيْزَ النَّفسِ, قَنُوعاً, وَلَهُ رِزقٌ عَلَى بَيْتِ المَالِ فِي الشَّهْرِ خَمْسَةُ دَنَانِيْرَ قُرِّرَتْ لَهُ فِي أَوَاخِرِ عُمُرِه.

وَكَانَ وَالِدُ وَكِيْعٍ -وَهُوَ الجرَّاحُ بنُ مَلِيْحٍ- عَلَى بَيْتِ المَالِ, فَلَمَّا أَتَاهُ وَكِيْعٌ لِيَأْخُذَ قَالَ لَهُ: ائْتِنِي مِنْ أَبِيْكِ بِعَطَائِي حَتَّى أُحَدِّثَكَ بِخَمْسَةِ أَحَادِيْثَ.

رَوَى عَلِيُّ بنُ عَثَّامِ بنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: قِيْلَ لِلأَعْمَشِ أَلاَ تَمُوْتُ فَنُحَدِّثَ عَنْكَ؟ فَقَالَ: كَمْ مِنْ حُبٍّ١ أَصْبَهَانِيٍّ, قَدِ انْكَسَرَ عَلَى رَأْسِهِ كِيزَانٌ كَثِيْرَةٌ.

وَوَرَدَ: أَنَّ الأَعْمَشَ قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى: زَيْدِ بنِ وَهْبٍ, وَزِرِّ بنِ حُبَيْشٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ, وَأَنَّهُ عَرضَ عَلَى: أَبِي عَالِيَةَ الرِّيَاحِيِّ, وَعَلَى مُجَاهِدٍ, وَعَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ, وَأَبِي حَصِيْنٍ, وَلَهُ قِرَاءةٌ شَاذَّةٌ, لَيْسَ طَرِيْقُهَا بِالمَشْهُوْرِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: كَانَ الأَعْمَشُ يَعرِضُ القُرْآنَ, فَيُمسِكُوْنَ عَلَيْهِ المصاحف, فلا يخطىء فِي حَرفٍ. التَّبُوْذَكِيُّ: عَنْ أَبِي عَوَانَةَ, قَالَ: أَعْطَيْتُ امْرَأَةَ الأَعْمَشِ خِمَاراً, فَكُنْتُ إِذَا جِئْتُ, أخذت بيده, فأخرجته إلي, فَقُلْتُ: لَهُ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً. قَالَ: مَا هِيَ؟ قُلْتُ: إِنْ لَمْ تَقضِهَا, فَلاَ تَغضَبْ عَلَيَّ. قَالَ: لَيْسَ قَلْبِي فِي يَدِي. قُلْتُ: أَمْلِ عَلَيَّ. قَالَ: لاَ أَفْعَلُ. عَلِيُّ بنُ سَعِيْدٍ النَّسَوِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: مَنْصُوْرٌ أَثْبَتُ أَهْلِ الكُوْفَةِ, فَفِي حَدِيْثِ الأَعْمَشِ اضْطِرَابٌ كَثِيْرٌ.

إِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْه: حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ, سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: لَوْلاَ الشُّهرَةُ لَصَلَّيْتُ الفَجْرَ, ثُمَّ تَسَحَّرتُ.

قَالَ عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: أَرْسَلَ الأَمِيْرُ عِيْسَى بنُ مُوْسَى إِلَى الأَعْمَشِ بألف درهم وَصَحِيْفَةٍ, لِيَكتُبَ فِيْهَا حَدِيْثاً. فَكَتَبَ فِيْهَا: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ, وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ, وَوَجَّهَ بِهَا إِلَيْهِ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ: يَا ابْنَ الفَاعِلَةِ! ظَنَنْتَ أَنِّي لاَ أُحْسِنُ كِتَابَ اللهِ؟ فبعث إليه: أظننت أني أبيع الحديث؟.


١ الحب: الجرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>