تَشَيُّعٍ، فَمَنْ نَطَقَ فِيْهِ بِغَضٍّ وَتَنَقُّصٍ وَهُوَ شِيْعِيٌّ جَلْدٌ يُؤَدَّبُ، وَإِنْ تَرَقَّى إِلَى الشَّيْخَيْنِ بِذَمٍّ، فَهُوَ رَافِضِيٌّ خَبِيْثٌ، وَكَذَا مَنْ تَعرَّضَ لِلإِمَامِ عَلِيٍّ بِذَمٍّ، فَهُوَ نَاصِبِيٌّ١ يُعَزَّرُ، فَإِنْ كَفَّرَهُ، فَهُوَ خَارِجِيٌّ مَارِقٌ، بَلْ سَبِيْلُنَا أَنْ نَستغفِرَ لِلْكُلِّ، وَنُحِبُّهُم، وَنَكَفَّ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُم.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ جَبَلَةَ، قَالَ: دَخَلَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ يَوْماً السُّوْقَ وَأَنَا مَعَهُ، فَرَأَى هَذَا يَخِيطُ، وَهَذَا يَصبِغُ، فَبَكَى، وَقَالَ: انْظُرْ إِلَيْهِم يَتَعلَّلُوْنُ حَتَّى يَأْتِيَهُمُ المَوْتُ.
ورُوي عَنِ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا نَظَرَ إِلَى المَقْبُرَةِ يَصرُخُ، وَيُغْشَى عَلَيْهِ.
قَالَ حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنَيْ صَالِحٍ، وَرَجُلٌ يَقرَأُ: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} [الأَنْبِيَاءُ: ١٠٣] ، فَالْتَفَتَ عَلِيٌّ إِلَى أَخِيْهِ الحَسَنِ، وَقَدِ اخْضَرَّ وَاصْفَرَّ، فَقَالَ: يَا حَسَنُ! إِنَّهَا أَفْزَاعٌ فَوْقَ أَفزَاعٍ، وَرَأَيتُ الحَسَنَ أَرَادَ أَنْ يَصِيْحَ، ثُمَّ جَمَعَ ثَوْبَهُ، فَعَضَّ عَلَيْهِ حَتَّى سَكَنَ عَنْهُ، وَقَدْ ذَبُلَ فَمُهُ، وَاخْضَارَّ وَاصْفَارَّ.
أَحْمَدُ بنُ عِمْرَانَ بنِ جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ آدَمَ، قَالَ: قَالَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ: قَالَ لِي أَخِي -وَكُنْتُ أُصلِّي: يَا أَخِي! اسقِنِي. قَالَ: فَلَمَّا قَضَيْتُ صَلاَتِي، أَتَيْتُهُ بِمَاءٍ، فَقَالَ: قَدْ شربت الساعة. قلت: من سقاك وليس فِي الغُرفَةِ غَيْرِي وَغَيْرُك?! قَالَ: أَتَانِي السَّاعَةَ جِبْرِيْلُ بِمَاءٍ، فَسَقَانِي، وَقَالَ: أَنْتَ وَأَخُوكَ وَأُمُّكَ مَعَ الَّذِيْنَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم، وَخَرَجَتْ نَفْسُهُ.
قُلْتُ: كَانَ يَرَى الحَسَنُ الخُرُوْجَ عَلَى أُمَرَاءِ زَمَانِهِ لِظُلْمِهِم وَجَوْرِهِم، وَلَكِنْ مَا قَاتَلَ أَبَداً، وَكَانَ لاَ يَرَى الجُمُعَةَ خَلْفَ الفَاسِقِ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ دَاوُدَ الخُرَيبي: تَرَكَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ الجُمُعَةَ، فَجَاءَ فُلاَنٌ، فَجَعَلَ يُنَاظِرُهُ لَيْلَةً إِلَى الصَّبَاحِ، فَذَهَبَ الحَسَنُ إِلَى تَرْكِ الجُمُعَةِ مَعَهُم وَإِلَى الخُرُوْجِ عَلَيْهِم وَهَذَا مَشْهُوْرٌ عَنِ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ، وَدَفَعَ اللهُ عَنْهُ أَنْ يُؤْخَذَ فَيُقْتَلَ بِدِيْنِهِ وَعِبَادتِهِ.
قَالَ البُخَارِيُّ: قَالَ أَبُو نُعَيم: مَاتَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: عَاشَ تِسْعاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً، وَكَانَ هُوَ وَأَخُوْهُ عليٌّ تَوْأَماً.
١ الناصبة: هم الذين يتدينون ببغض علي رضي الله عنه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute