للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: كان بعد طبقة هؤلاء رؤوس، فكان عبد الرحمن بن مهدي رأسًا في الحديث، وأبو عبيدة معمر رأسًا في اللغة، والشافعي رأسًا في الفقه، ويحيى الزبيري رأسًا في القراءات، ومعروف الكرخي رأسًا في الزهد.

ثم كان بعدهم ابن المديني رأسًا في الحديث، وعلله، وأحمد بن حنبل رأسًا في الفقه، والسنة، وأبو عمر الدوري رأسًا في القراءات، وابن الأعرابي رأسًا في اللغة، والسري السقطي رأسًا في الزهد.

ويمكن أن نذكر في كل طبقة بعد ذلك أئمة على هذا النمط إلى زماننا فرأس المحدثين اليوم أبو الحجاج القضاعي المزي، ورأس الفقهاء القاضي شرف الدين البارزي، ورأس المقرئين جماعة، ورأس العربية أبو حيان الأندلسي، ورأس العباد الشيخ علي الواسطي ففي الناس بقايا خير، ولله الحمد.

عن ابن مهدي قال: نزل عندنا سفيان، وقد كنا ننام أكثر الليل فلما نزل عندنا ما كنا ننامإلَّا أقله، ولما مرض بالبطن كنت أخدمه، وأدع الجماعة فسألته فقال: خدمة مسلم ساعة أفضل من صلاة الجماعة فقلت: ممن سمعت هذا? قال: حدثني عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال: لأن أخدم رجلًا من المسلمين على علة يومًا، واحدًا أحب إلي من صلاة الجماعة ستين عامًا لم يفتني فيها التكبيرة الأولى.

قال: فضج سفيان لما طالت علته فقال: يا موت يا موت ثم قال: لا أتمناه، ولا أدعو به. فلما احتضر بكى، وجزع فقلت له: يا أبا عبد الله ما هذا البكاء? قال: يا عبد الرحمن لشدة ما نزل بي من الموت الموت، والله شديد. فمسسته فإذا هو يقول: روح المؤمنين تخرج رشحًا فأنا أرجو. ثم قال: الله أرحم من الوالدة الشفيقة الرفيقة إنه جواد كريم، وكيف لي أن أحب لقاءه، وأنا أكره الموت. فبكيت حتى كدت أن أختنق أخفي بكائي عنه، وجعل يقول: أوه .. أوه من الموت.

قال عبد الرحمن: فما سمعته يقول: أوه، ولا يئنإلَّا عند ذهاب عقله ثم قال: مرحبًا برسول ربي ثم أغمي عليه ثم أسكت حتى أحدث ثم أغمي عليه فظننت أنه قد قضى ثم أفاق فقال: يا عبد الرحمن اذهب إلى حماد بن سلمة فأدعه لي فإني أحب أن يحضرني.، وقال: لقني قول: لا إله إلَّا الله. فجعلت ألقنه.

قال: وجاء حماد مسرعًا حافيًا، ما عليه إلَّا إزار، فدخل وقد أغمي عليه، فقبل بين عينيه، وقال: بارك الله فيك يا أبا عبد الله. ففتح عينيه ثم قال: أي أخي مرحبًا. ثم قال: يا حماد خذ حذرك، واحذر هذا المصرع.، وذكر فضلًا طويلًا ضعف بصري أنا عن قراءته.

<<  <  ج: ص:  >  >>