للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إنك ترى أنا كقومك؟ لا يغرنك أنك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب، فأصبت منهم فرصة إنا والله لو حاربتنا لتعلمن أنا نحن الرجال.

عن ابن عباس، قال: ما نزل هؤلاء الآيات إلا فيهم: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ﴾ [آل عمران: ١٢].

وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة: أن بني قينقاع كانوا أول يهود نقضوا وحاربوا فيما بين بدر وأحد.

قال: وعن أبي عون، قال: كان أمر بني قينقاع أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها فباعته بسوقهم، وجلست إلى صائغ بها، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فلم تفعل، فعمد الصائغ إلى طف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوءتها فضحكوا، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، فشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فأغضب المسلمين ووقع الشر.

وحدثني عاصم، قال: فحاصرهم رسول الله حتى نزلوا على حكمه فقام إليه عبد الله بن أبي بن سلول حين أمكنه الله منهم، فقال: يا محمد، أحسن في مواليَّ. فأعرض عنه، فأدخل يده في جيب درع رسول الله ، فقال له رسول الله : "أرسلني". وغضب، "أرسلني، ويحك". قال: والله لا أرسلك حتى تحسن في مواليَّ: أربعمائة حاسر، وثلاثمائة دارع، قد منعوني من الأحمر والأسود، تحصدهم في غداة واحدة، إني والله امرؤ أخشى الدوائر. فقال رسول الله : "هم لك".

وحدثني أبي إسحاق، عن عبادة بن الوليد، قال: لما حاربت بنو قنيقاع رسول الله ، تشبث بأمرهم ابن سلول وقام دونهم.

قال: ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله ، وكان أحد بني عوف، لهم من حلفه مثل الذي لابن سلول، فجعلهم إلى رسول الله ، وتبرأ إلى الله ورسوله من حلفهم، وقال: أتولى الله ورسوله والمؤمنين، فنزلت فيه وفي ابن سلول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ إلى قوله: ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ [المائدة: ٥١ - ٥٥]، وذلك لتولي عبادةُ اللهَ ورسولهَ.

وذكر الواقدي: أن النبي حاصرهم خمس عشرة ليلة، إلى هلال ذي القعدة. وكانوا أول من غدر من اليهود، وحاربوا حتى قذف الله في قلوبهم الرعب، ونزلوا على حكمه، وأن له أموالهم. فأمر بهم فكتفوا، واستعمل على كتافهم المنذر بن قدامة السلمي، من بني السلم، فكلم عبد الله بن أبي فيهم رسول الله ، وألح عليه فقال: "خذهم". وأمر بهم أن يجلوا من المدينة، وولي إخراجهم منها عبادة بن الصامت، فلحقوا بأذرعات، فما كان أقل من بقائهم فيها. وتولى قبض أموالهم محمد بن مسلمة، ثم خمست، وأخذ النبي من سلاحهم ثلاثة أسياف، ودرعين، وغير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>