للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا حدث بهذا في حياة مالك، يقول: أراه مالكًا. فأقام على ذلك زمانًا ثم رجع بعد، فقال: أراه عبد الله بن عبد العزيز العمري الزاهد.

قال ابن عبد البر، وغير واحد: ليس العمري ممن يلحق في العلم والفقه بمالك، وإن كان شريفًا سيدًا، عابدًا.

قال أحمد بن أبي خيثمة: حدثنا مصعب، قال: أخبرنا سفيان: نرى هذا الحديث أنه هو مالك، وكان سفيان يسألني عن أخبار مالك.

قلت: قد كان لهذا العمري علم وفقه جيد وفضل، وكان قوالا بالحق، أمارًا بالعرف، منعزلًا عن الناس، وكان يحض مالكًا إذا خلا به على الزهد، والانقطاع والعزلة، فرحمهما الله.

فصل:

ولم يكن بالمدينة عالم من بعد التابعين يشبه مالكًا في العلم، والفقه، والجلالة، والحفظ، فقد كان بها بعد الصحابة مثل سعيد بن المسيب، والفقهاء السبعة (١)، والقاسم، وسالم، وعكرمة، ونافع، وطبقتهم، ثم زيد بن أسلم، وابن شهاب، وأبي الزناد، ويحيى بن سعيد، وصفوان بن سليم، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، وطبقتهم، فلما تفانوا، اشتهر ذكر مالك بها، وابن أبي ذئب، وعبد العزيز بن الماجشون، وسليمان بن بلال، وفُليح بن سليمان، والدراوردي، وأقرانهم، فكان مالك هو المقدم فيهم على الإطلاق، والذي تضرب إليه آباط الإبل من الآفاق -رحمه الله تعالى-.

وقد وقع لي من عواليه "موطأ" أبي مصعب (٢). وفي الطريق إجازة، ووقع لي من


(١) الفقهاء السبعة هم:
١ - سعيد بن المسيب.
٢ - سليمان بن يسار الهلالي.
٣ - عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي.
٤ - عروة بن الزبير.
٥ - القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق.
٦ - أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي المدني.
٧ - خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري.
وقد قيل فيهم:
إذا قيل من في العلم سبعة أبحر … مقالة حق ليست عن الحق خارجه
فقل هم عبيد الله عروة قاسم … سعيد أبو بكر سليمان خارجه
(٢) أبو مصعب: هو الإمام الفقيه أحمد بن بكر الزهري العوفي المدني أحد الأثبات وشيخ أهل المدينة وقاضيهم ومحدثهم، ولد سنة خمسين ومائة ولزم مالكا وتفقه به. قال الدارقطني: أبو مصعب ثقة في الموطأ. قال الزبير بن بكار: أبو مصعب هو فقيه أهل المدينة غير مدافع. مات على القضاء في رمضان سنة اثنتين وتسعين ومائتين. ترجمته في تذكرة الحفاظ "رقم ٤٩٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>