للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو عمرو: ترك من الناض (١) ألفي دينار وستمائة دينار، وسبعة وعشرين دينارًا، ومن الدراهم ألف درهم.

قلت: قد كان هذا الإمام من الكبراء السعداء، والسادة العلماء، ذا حشمة، وتجمل، وعبيد، ودار فاخرة ونعمة ظاهرة، ورفعة في الدنيا والآخرة، كان يقبل الهدية، ويأكل طيبًا، ويعمل صالحًا، وما أحسن قول ابن المبارك فيه:

صموت إذا ما الصمت زين أهله … وفتاق أبكار الكلام المختم

وَعَى ما وَعَى القرآن من كل حكمه … وسيطت (٢) له الآداب باللحم والدم

قال القاضي عياض ﵀ فيه:

يا سائلا عن حميد الهدي والسنن … اطلب هديت علوم الفقه والسنن

وعقد قلبك فاشدده على ثلج (٣) … لا تطوينه على شك ولا دخن (٤)

واسلك سبيل الألي حازوا نهى وتقى … كانوا فبانوا حسان السر والعلن

هم الأئمة والأقطاب ما انخدعوا … ولا شروا دينهم بالبخس والغبن

أصحاب خير الورى أحبار ملته … خير القرون نجوم الدهر والزمن

من اهتدى بهداهم مهتد وهم … نجاة من بعدهم من غمرة الفتن

وتابعوهم على الهدي القويم هم … أهل التقى والهدى والعلم والفطن

فاختر لدينك ذا علم تقلده … مشهر الذكر في شام وفي يمن

حوى أصولهم ثم اقتفى أثرًا … نهجًا إلى كل معنى رائق حسن

ومالك المرتضى لا شك أفضلهم … إمام دار الهدى والوحي والسنن

فعنه حز علمه إن كنت متبعًا … ودع زخارف كالأحلام والوسن

فهو المقلد في الآثار يسندها … خلاف من هو فيها غير مؤتمن

وهو المقدم في فقه وفي نظر … والمقتدى في الهدى في ذلك الزمن


(١) الناض: الدنانير والدراهم.
(٢) وسيطت: مزجت.
(٣) ثلج: اطمئنان.
(٤) دخن: فساد.

<<  <  ج: ص:  >  >>