للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَعْلاَمِهِم وَيَأْخُذَ أَهْلَ بَغْدَادَ جَمِيْعاً بِذَلِكَ. فَدَعَا عِيْسَى أَهْلَ بَغْدَادَ إِلَى ذَلِكَ عَلَى أَنْ يُعَجِّلَ لَهُم رِزْقَ شَهْرٍ فَأَبَى بَعْضُهُم وَقَالُوا: هَذَا دَسِيسٌ مِنَ الفَضْلِ بنِ سَهْلٍ. وَغَضِبَ بَنُو العَبَّاسِ، وَنَهَضَ إِبْرَاهِيْمُ وَمَنْصُوْرٌ ابْنَا المَهْدِيِّ، ثُمَّ نَزَعُوا الطَّاعَةَ وَبَايَعُوا إِبْرَاهِيْمَ بنَ المَهْدِيِّ.

قَالَ الحَاكِمُ: وَرَدَ الرِّضَى نَيْسَابُوْرَ سَنَةَ مائَتَيْنِ، بَعَثَ إِلَيْهِ المَأْمُوْنُ رَجَاءَ بنَ أَبِي الضَّحَّاكِ لإِشخَاصِه مِنَ المَدِيْنَةِ إِلَى البَصْرَةِ، ثُمَّ مِنْهَا إِلَى الأَهْوَازِ فَسَارَ مِنْهَا إِلَى فَارِسَ، ثُمَّ عَلَى طَرِيْقِ بُسْتَ إِلَى نَيْسَابُوْرَ، وَأَمَرَه أَنْ لاَ يَسلُكَ بِهِ طَرِيْقَ الجِبَالِ، ثُمَّ سَارَ بِهِ إِلَى مَرْوَ.

قَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ: دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلاَثٍ فَسَارَ المَأْمُوْنُ إِلَى طُوْسَ، وَأَقَامَ عِنْدَ قَبْرِ أَبِيْهِ الرَّشِيْدِ أَيَّاماً ثُمَّ إِنَّ علي بن موسى أكل عنبًا فأكثر مِنْهُ، فَمَاتَ فَجْأَةً فِي آخِرِ صَفَرٍ فَدُفِنَ عِنْدَ الرَّشِيْدِ، وَاغْتَمَّ المَأْمُوْنُ لِمَوْتِهِ.

وَقِيْلَ: إِنَّ دِعْبِلاً الخُزَاعِيَّ أَنْشَدَ عَلِيَّ بنَ مُوْسَى مِدْحَةً، فَوَصَلَهُ بِسِتِّ مائَةِ دِيْنَارٍ، وَجُبَّةِ خَزٍّ بَذَلَ لَهُ فِيْهَا أَهْلُ قُمٍّ أَلْفَ دِيْنَارٍ فَامْتَنَعَ، وَسَافَرَ فَجَهَّزُوا عَلَيْهِ مَنْ قَطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيْقَ، وَأُخِذَتِ الجُبَّةُ فَرَجَعَ، وَكَلَّمَهُم. فَقَالُوا: لَيْسَ إِلَى رَدِّهَا سَبِيْلٌ. وَأَعْطَوْهُ الأَلْفَ دِيْنَارٍ وَخِرْقَةً مِنَ الجُبَّةِ لِلْبَرَكَةِ.

قَالَ المُبَرِّدُ: عَنْ أَبِي عُثْمَانَ المَازِنِيِّ قَالَ: سُئِلَ عَلِيُّ بنُ مُوْسَى الرِّضَى: أَيُكَلِّفُ اللهُ العِبَادَ مَا لاَ يُطِيْقُوْنَ? قَالَ: هُوَ أَعْدَلُ مِنْ ذَلِكَ. قِيْلَ: فَيَسْتَطِيْعُوْنَ أَنْ يَفْعُلُوا مَا يُرِيْدُوْنَ? قَالَ: هُم أَعجَزُ مِنْ ذَلِكَ.

قِيْلَ: قَالَ المَأْمُوْنُ لِلرَّضَى: مَا يَقُوْلُ بَنُو أَبِيْكَ فِي جَدِّنَا العَبَّاسِ? قَالَ: مَا يَقُوْلُوْنَ فِي رَجُلٍ فَرَضَ اللهُ طَاعَةَ نَبِيِّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَفَرَضَ طَاعَتَهُ عَلَى نَبِيِّهِ. وَهَذَا يُوهِمُ فِي البَدِيْهَةِ أَنَّ الضَّمِيْرَ فِي طَاعَتِهِ لِلْعَبَّاسِ، وَإِنَّمَا هُوَ للهِ فَأَمَرَ لَهُ المَأْمُوْنُ بِأَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.

وَكَانَ لِعَلِيٍّ إِخْوَةٌ مِنَ السراري وهم: إبراهيم وعباس، وقاسم، وَإِسْمَاعِيْلُ، وَهَارُوْنُ وَجَعْفَرٌ، وَحَسَنٌ وَأَحْمَدُ، وَمُحَمَّدٌ وَعُبَيْدُ اللهِ وَحَمْزَةُ، وَزَيْدٌ، وَإِسْحَاقُ وَعَبْدُ اللهِ، وَالحُسَيْنُ، وَالفَضْلُ، وَسُلَيْمَانُ، وَعِدَّةُ بَنَاتٍ، سَرَدَهُمُ الزُّبَيْرُ فِي كِتَابِ النَّسَبِ.

فَقِيْلَ: إِنَّ أَخَاهُ زَيْداً خَرَجَ بِالبَصْرَةِ عَلَى المَأْمُوْنِ، وَفَتَكَ وَعَسَفَ فَنَفَّذَ إِلَيْهِ المَأْمُوْنُ عَلِيَّ بنَ مُوْسَى أَخَاهُ لِيَرُدَّهُ. فَسَارَ إِلَيْهِ فِيْمَا قِيْلَ وَقَالَ: وَيْلَكَ يَا زَيْدُ! فَعَلْتَ بِالمُسْلِمِيْنَ مَا فَعَلتَ، وَتَزْعُمُ أَنَّك ابْنُ فَاطِمَةَ? وَاللهِ لأَشَدُّ النَّاسِ عَلَيْكَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْبَغِي لِمَنْ أَخَذَ بِرَسُوْلِ اللهِ أَنْ يُعْطِيَ بِهِ فَبَلَغَ المَأْمُوْنَ فَبَكَى وَقَالَ: هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ أَهْلُ بَيْتِ النُّبُوَّةِ هَكَذَا!.

<<  <  ج: ص:  >  >>