للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

له: في هذا الإسناد من لا يعمل عليه ولا على ما يرويه، وهو قيس بن أبي حازم، إنما كان أعرابيًّا بوالا على عقبيه. فقبل ابن أبي دواد عليًّا واعتنقه. فلما كان الغد وحضروا قال ابن أبي دواد: يا أمير المؤمنين يحتج في الرؤية بحديث جرير، وإنما رواه عنه قيس، وهو أعرابي بوال على عقبيه? قال: فقال أحمد بعد ذلك: فحين أطلع لي هذا، علمت أنه من عمل علي بن المديني، فكان هذا وأشباهه من أوكد الأمور في ضربه.

رواها المرزباني: أخبرني محمد بن يحيى -يعني: الصولي- حدثنا الحسين.

ثم قال الخطيب: أما ما حكي عن علي في هذا الخبر من أنه لا يعمل على ما يرويه قيس فهو باطل. قد نزه الله عليًّا عن قول ذلك لأن أهل الأثر وفيهم علي مجمعون على الاحتجاج برواية قيس وتصحيحها إذ كان من كبراء تابعي أهل الكوفة. وليس في التابعين من أدرك العشرة وروى عنهم، غير قيس مع روايته عن خلق من الصحابة. إلى أن قال: فإن كان هذا محفوظًا عن ابن فهم فأحسب أن ابن أبي دواد تكلم في قيس بما ذكر في الحديث وعزا ذلك إلى ابن المديني. والله أعلم.

قلت: إن صحت الحكاية، فلعل عليًّا قال: في قيس ما عنده عن يحيى القطان أنه قال: هو منكر الحديث ثم سمى له أحاديث استنكرها فلم يصنع شيئًا بل هي ثابتة فلا ينكر له التفرد في سعة ما روى من ذلك حديث كلاب الحوأب (١)، وقد كاد قيس أن يكون صحابيًّا أسلم في حياة رسول الله ثم هاجر إليه فما أدركه بل قدم المدينة بعد وفاة رسول الله بليال. وقد قال يحيى بن معين فيما نقله عنه معاوية بن صالح: كان قيس بن أبي حازم أوثق من الزهري.

نعم، ورؤية الله -تعالى- في الآخرة منقولة عن النبي نقل تواتر فنعوذ بالله من الهوى ورد النص بالرأي.


(١) صحيح: أخرجه أحمد "٦/ ٥٢ و ٩٧"، وابن أبي شيبة "١٥/ ٢٥٩ - ٢٦٠"، وأبو يعلى "٤٨٦٨"، وابن حبان "١٨٣١"، موارد، والحاكم "٣/ ١٢٠"، والبيهقي في "الدلائل" "٦/ ٤١٠"، من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: لما أقبلت عائشة بلغت مياه بني عامر ليلا نبحت الكلاب قالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب. قالت: ما أظنني إلا أني راجعة. فقال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله ﷿ ذات بينهم. قالت: إن رسول الله قال لها ذات يوم: "كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب".
والحوأب: من مياه العرب على طريق البصرة. قال ياقوت في "معجم البلدان": ماء قريب من البصرة على طريق مكة إليها، سمي بالحوأب بنت كلب بن وبرة القضاعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>