للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المنبر، وأمر فنودي: الصلاة جامعة. فاجتمع الناس إلى رسول الله فقال: "أخبركم عن جيشكم هذا: إنهم انطلقوا فلقوا العدو، فقتل زيد شهيدا"، فاستغفر له. ثم قال: "أخذ اللواء جعفر فشد على القوم حتى قتل شهيدا"، شهد له بالشهادة واستغفر له. "ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة، فأثبت قدميه حتى قتل شهيدا"، فاستغفر له، "ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد، ولم يكن من الأمراء وهو أمر نفسه"، ثم قال: "اللهم إنه سيف من سيوفك، فأنت تنصره". فمن يومئذ سمي خالد "سيف الله".

وقال البكائي، عن ابن إسحاق: بلغني أن رسول الله قال: "أخذ الراية زيد فقاتل بها حتى قتل شهيدا، ثم أخذها جعفر فقاتل حتى قتل شهيدا"، ثم صمت، حتى تغيرت وجوه الأنصار، وظنوا أنه قد كان في عبد الله بعض ما يكرهون. فقال: "ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل بها حتى قتل شهيدا"، ثم قال: "لقد رفعوا إلى الجنة فيما يرى النائم على سرر من ذهب. فرأيت في سرير عبد الله ازورارًا عن سريري صاحبيه. فقلت: عم هذا؟ فقيل لي: مضيا وتردد عبد الله بعض التردد ثم مضى".

وقال الواقدي: حدثني عبد الله بن الحارث بن فضيل، عن أبيه، قال: لما أخذ خالد الراية: قال رسول الله : "الآن حمي الوطيس".

قال: فحدثني العطاف بن خالد، قال: لما قتل ابن رواحة مساء، بات خالد، فلما أصبح غدا وقد جعل مقدمته ساقة، وساقته مقدمة، وميمنته ميسرة، وميسرته ميمنة. فأنكروا ما كانوا يعرفون من راياتهم وهيئتهم، وقالوا: قد جاءهم مدد، فرعبوا فانكشفوا منهزمين، فقتلوا مقتلة ثم يقتلها قوم.

وقال إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس: سمعت خالد بن الوليد يقول: لقد اندق في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية. أخرجه البخاري (١).

وقال الواقدي: حدثني محمد بن صالح التمار، عن عاصم بن عمر بن قتادة، أن النبي قال: "لما قتل زيد أخذ الراية جعفر فجاءه الشيطان فحبب إليه الحياة وكره إليه الموت ومناه الدنيا، فقال: الآن حين استحكم الإيمان في قلوب المؤمنين، تمنيني الدنيا؟ ثم مضى قدما حتى استشهد"، فصلى عليه ودعا له، وقال: "استغفروا له، فإنه دخل الجنة وهو يطير في الجنة بجناحين من ياقوت حيث يشاء من الجنة".


(١) صحيح: أخرجه البخاري "٤٢٦٥"و "٤٢٦٦" من طريق إسماعيل بن أبي خالد، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>