للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المددي طائفة من جلده، فوهبه منه، فجعله في الشمس وأوتد في أطرافه أوتادًا، فلما جف اتخذ منه مقبضا وجعله درقة. قال: فلما رأى ذلك المددي فعل الرومي، كمن له خلف صخرة، فلما مر به خرج عليه فعرقب فرسه، فقعد الفرس على رجليه وخر عنه العلج، فشد عليه فعلاه بالسيف فقتله.

قال: وحدثني بكير بن مسمار، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن أبيه، قال: حضرت مؤتة فبارزني رجل منهم، فأصبته وعليه بيضة له فيها ياقوتة، فأخذتها، فلما انكشفنا فانهزمنا رجعت إلى المدينة، فأتيت بها رسول الله Object فنفلنيها، فبعتها زمن عثمان بمائة دينار، فاشتريت بها حديقة نخل.

وقال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر، عن عروة، قال: لما أقبل أصحاب مؤتة تلقاهم رسول الله Object والمسلمون معه. فجعلوا يحثون عليهم التراب ويقولون: يا فرار فررتم في سبيل الله؟ فقال النبي Object: "ليسوا بالفرار، ولكنهم الكرار إن شاء الله".

فحدثني عبد الله بن أبي بكر، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، أن أم سلمة قالت لامرأة سلمة بن هشام بن المغيرة: ما لي لا أرى سلمة يحضر الصلاة مع رسول الله Object؟ والله ما يستطيع أن يخرج، كلما خرج صاح به الناس: يا فرار، فررتم في سبيل الله، وكان في غزوة مؤتة.

وعن زيد بن أرقم، قال: كنت يتيما لعبد الله بن رواحة في حجره، فخرج بي في سفره ذلك، مردفي على حقيبة رحله، فوالله إنه ليسير إذ سمعته ينشد أبياته هذه:

إذا أدنيتني وحملت رحلي … مسيرة أربع بعد الحساء

فشأنك فانعمى وخلاك ذم … ولا أرجع إلى أهلي ورائي

وآب المسلمون وغادروني … بأرض الشام مشهور الثواء

وردك كل ذي نسب قريب … إلى الرحمن منقطع الإخاء

هنالك لا أبالي طلع بعل … ولا نخل، أسافلها رواء

فلما سمعتهن بكيت، فخفقني بالدرة، وقال: ما عليك يا لكع أن يرزقني الله الشهادة، وترجع بين شعبتي الرحل!

وقال عبد الملك بن هشام: حدثني من أثق به أن جعفرا أخذ اللواء بيمينه فقطعت، فأخذه بشماله فقطعت، فاحتضنه بعضديه حتى قتل وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة. فأثابه الله -تعالى- بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء. وروى أنهم قتلوه بالرماح.

<<  <  ج: ص:  >  >>