للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: نعم، على الرأس والعين. قال: ينبغي أن تصير إلى صاحب القنطرة، فتقول له: إنا قد أخللنا بالوتد فنحب أن تأذن لنا في إقامة بدله، أو تأخذ ثمنه، وتجعلنا في حل مما كان منا، وكان صاحب القنطرة حميد بن الأخضر الفربري، فقال لي: أبلغ أبا عبد الله السلام، وقل له: أنت في حل مما كان منك، وقال: جميع ملكي لك الفداء، وإن قلت: نفسي أكون قد كذبت غير أني لم أكن أحب أن تحتشمني في، وتد أو في ملكي فأبلغته رسالته فتهلل، وجهه واستنار وأظهر سرورًا وقرأ في ذلك اليوم على الغرباء نحوًا من خمسمائة حديث وتصدق بثلاثمائة درهم.

قال وسمعته يقول لأبي معشر الضرير: اجعلني في حل يا أبا معشر فقال: من أي شيء? قال: رويت يومًا حديثًا فنظرت إليك وقد أعجبت به، وأنت تحرك رأسك، ويدك فتبسمت من ذلك قال: أنت في حل رحمك الله يا أبا عبد الله.

قال: ورأيته استلقى على قفاه يومًا ونحن بفربر في تصنيفه كتاب "التفسير" وأتعب نفسه ذلك اليوم في كثرة إخراج الحديث فقلت له: إني أراك تقول: إني ما أثبت شيئًا بغير علم قط منذ عقلت فما الفائدة في الاستلقاء? قال: أتعبنا أنفسنا اليوم، وهذا ثغر من الثغور خشيت أن يحدث حدث من أمر العدو فأحببت أن أستريح وآخذ أهبة فإن غافصنا (١) العدو كان بنا حراك.

قال: وكان يركب إلى الرمي كثيرًا، فما أعلمني رأيته في طول ما صحبته أخطأ سهمه الهدف إلَّا مرتين فكان يصيب الهدف في كل ذلك، وكان لا يسبق.

قال: وسمعته يقول: ما أكلت كراثًا قط، ولا القنابرى قلت: ولم ذاك: قال: كرهت أن أوذي من معي من نتنهما قلت: وكذلك البصل النيئ? قال: نعم.

قال: وحدثني محمد بن العباس الفربري، قال: كنت جالسًا مع أبي عبد الله البخاري بفربر في المسجد فدفعت من لحيته قذاة مثل الذرة أذكرها فأردت أن ألقيها في المسجد فقال: ألقها خارجًا من المسجد.

قال: وأملى يومًا علي حديثًا كثيرًا فخاف ملالي فقال: طب نفسًا فإن أهل الملاهي في ملاهيهم، وأهل الصناعات في صناعاتهم، والتجار في تجاراتهم، وأنت مع النبي Object وأصحابه فقلت: ليس شيء من هذا يرحمك الله إلَّا وأنا أرى الحظ لنفسي فيه.


(١) غافصنا العدو: أي أخذناه على غرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>