للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"اتبع الهدى. أما بعد؛ فأسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن أبيت فإن إثم الأكارين (١) عليك".

فلما قرأه وضعه بين فخذه، وخاصرته، ثم كتب إلى رجل من أهل رومية، كان يقرأ من العبرانية ما يقرأ، يخبره عما جاءه من رسول الله فكتب إليه أنه النبي الذي ينتظر لا شك فيه فاتبعه. فأمر بعظماء الروم فجمعوا له في دسكره (٢) ملكه، ثم أمر بها فأشرجت (٣) عليهم، واطلع عليهم من علية له، وهو منهم خائف فقال: يا معشر الروم إنه قد جاءني كتاب أحمد، وإنه والله للنبي الذي كنا ننتظر ونجد ذكره في كتابنا، نعرفه بعلاماته. فأسلموا واتبعوه تسلم لكم دنياكم وآخرتكم. فنخروا نخرة رجل واحد، وابتدروا أبواب الدسكرة، فوجدوها مغلقة دونهم. فخافهم، فقال: ردوهم علي. فكروهم عليه، فقال: إنما قلت لكم هذه المقالة أغمزكم بها لأنظر كيف صلابتكم في دينكم، فقد رأيت منكم ما سرني. فوقعوا له سجدا، ثم فتحت لهم الأبواب فخرجوا (٤).

وقال ابن لهيعة: حدثنا أبو الأسود، عن عروة، قال: خرج أبو سفيان تاجرا وبلغ هرقل شأن النبي . قال: فأدخل عليه أبو سفيان في ثلاثين رجلا، وهو في كنيسة إيلياء. فسألهم فقالوا: ساحر كذاب. فقال أخبروني بأعلمكم به وأقربكم منه. قالوا: هذا ابن عمه. وذكر شبيها بحديث الزهري.

وقال البخاري: حدثنا يحيى بن أبي بكير، قال: حدثنا الليث، عن يونس، عن ابن شهاب، قال: حدثني عبيد الله، عن ابن عباس، أن رسول الله بعث بكتابه إلى كسرى، وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين ليدفعه إلى كسرى. قال: فلما قرأه كسرى مزقه. فحسبت ابن المسيب قال: فدعا عليهم رسول الله أن يمزقوا كل ممزق (٥).

وقال الذهلي محمد بن يحيى: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد القاري، أن رسول الله قام ذات يوم على المنبر خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه وتشهد، ثم قال: "أما بعد،


(١) الأكار: الزراع.
(٢) دسكرة: بناء على هيئة القصر، فيه منازل وبيوت للخدم والحشم، وليست بعربية محضة.
(٣) أشرجت: أغلقت.
(٤) صحيح: أخرجه البخاري "٧" من طريق الزهري، به.
(٥) صحيح: أخرجه البخاري "٧٢٦٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>