للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد نالته محنة أخرى صعبة مرت في "تاريخنا الكبير" في ترجمة أخيه عبد الحكم، الرجل الصالح. قال أبو سعيد بن يونس: عذب عبد الحكم، في السجن، ودخن عليه، فمات في سنة سبع وثلاثين ومائتين لكونه اتهم بودائع لعلي بن الجروي.

وقال ابن أبي دليم: لم يكن في الإخوة أفقه من عبد الحكم، وقيل: إن بني عبد الحكم غرموا في نوبة ابن الجروي أكثر من ألف ألف دينار استصفيت، أموالهم ونهبت منازلهم ثم بعد مدة أطلقهم المتوكل، ورد إليهم البعض وسجن القاضي الأصم الذي ظلمهم، وحلقت لحيته وضرب، وطيف به على حمار.

قال أبو سعيد بن يونس في تاريخه: كان محمد هو المفتي بمصر في أيامه.

قلت: له تصانيف كثيرة منها: كتاب في الرد على الشافعي، وكتاب أحكام القرآن، وكتاب الرد على فقهاء العراق، وغير ذلك.

وما زال العلماء قديمًا وحديثًا يرد بعضهم على بعض في البحث، وفي التواليف وبمثل ذلك يتفقه العالم وتتبرهن له المشكلات، ولكن في زماننا قد يعاقب الفقيه إذا اعتنى بذلك لسوء نيته، ولطلبه للظهور والتكثر فيقوم عليه قضاة، وأضداد نسأل الله حسن الخاتمة، وإخلاص العمل.

وقد كان ابن عبد الحكم مع عظمته بمصر يركب حميرًا ضعيفًا، ويتواضع في أموره وكان أبوه كما قلنا من كبار الفقهاء من تلامذة مالك.

قال ابن يونس: مات محمد في يوم الأربعاء نصف ذي القعدة سنة ثمان وستين ومائتين، وصلى عليه القاضي بكار بن قتيبة.

قلت: وله مصنف في أدب "القضاة" مفيد.

أخبرتنا خديجة بنت علي، أخبرنا أحمد بن عبد الواحد، أخبرنا عبد المنعم بن الفراوي، أخبرنا عبد الغفار الشيروي، أخبرنا أبو سعيد الصيرفي، حدثنا أبو العباس الأصم، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أخبرنا أنس بن عياض، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "عذبت امرأة في هرة أمسكتها حتى ماتت من الجوع فلم تكن تطعمها، ولا ترسلها فتأكل من خشاش الأرض" (١).


(١) صحيح: أخرجه مسلم "٢٢٤٣" من طرق عن هشام، به.
وأخرجه مسلم "٢٦١٩"، وأحمد "٣١٧" من طريق معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>