للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو عبد الله الحاكم: علقت هذه الحكاية عن طاهر بن أحمد عن مكي وقد كان مسلم يختلف بعد هذه الواقعة إلى محمد بن يحيى وإنما انقطع عنه من أجل قصة البخاري وكان الحافظ أبو عبد الله بن الأخرم أعرف بذلك فأخبر عن الوحشة الأخيرة.

وسمعته يقول: كان مسلم بن الحجاج يظهر القول باللفظ ولا يكتمه فلما استوطن البخاري نيسابور أكثر مسلم الاختلاف إليه فلما وقع بين البخاري والذهلي ما وقع في مسألة اللفظ ونادى عليه ومنع الناس من الاختلاف إليه حتى هجر وسافر من نيسابور قال: فقطعه أكثر الناس غير مسلم فبلغ محمد بن يحيى فقال يوماً: ألا من قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا فأخذ مسلم رداءه فوق عمامته وقام على رؤوس الناس ثم بعث إليه بما كتب عنه على ظهر جمال قال: وكان مسلم يظهر القول باللفظ ولا يكتمه.

قال أبو حامد بن الشرقي: حضرت مجلس محمد بن يحيى فقال: ألا من قال: لفظي بالقرآن مخلوق فلا يحضر مجلسنا فقام مسلم من المجلس.

قال أبو بكر الخطيب: كان مسلم يناضل عن البخاري حتى أوحش ما بينه وبين محمد بن يحيى بسببه.

قلت: ثم إن مسلماً لحدة في خلقه انحرف أيضاً عن البخاري ولم يذكر له حديثاً ولا سماه في "صحيحه" بل افتتح الكتاب بالحط على من اشترط اللقي لمن روى عنه بصيغة "عن" وادعى الإجماع في أن المعاصرة كافية ولا يتوقف في ذلك على العلم بالتقائهما ووبخ من اشترط ذلك وإنما يقول ذلك أبو عبد الله البخاري وشيخه علي بن المديني وهو الأصوب الأقوى (١٨٥) وليس هذا موضع بسط هذه المسألة.

قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر في أول "الأطراف" له بعد أن ذكر "صحيح البخاري": ثم سلك سبيله مسلم بن الحجاج فأخذ في تخريج كتابه وتأليفه وترتيبه على قسمين وتصنيفه وقصد أن يذكر في القسم الأول أحاديث أهل الإتقان وفي القسم الثاني أحاديث أهل الستر والصدق الذين لم يبلغوا درجة المتثبتين فحالت المنية بينه وبين هذه الأمنية فمات قبل استتام كتابه غير أن كتابه مع إعوازه اشتهر وانتشر.


(١٨٥) لأحد العلماء نظم في الموازنة بين صحيحى البخاري ومسلم فقال:
تشاجر قوم في البخاري ومسلم … لدىَّ وقالوا أىُّ ذَين تقدموا
فقلت لقد فاق البخاري صحة … كما فاق في حسن الصناعة مسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>