للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: كان ثم خمسة عشر ألف عبد يعملون في أموال مواليهم، فأنذروا ساداتهم بما جرى فقيدوهم فأقبل حزبه فكسروا قيودهم، وضموهم إليه فلما كان يوم الفطر ركز علمه، وصلى بهم العيد، وخطبهم، وأعلمهم أن الله يريد أن يمكن لهم ويملكهم، وحلف لهم على ذلك ثم نزل فصلى بهم.

ثم لم يزل ينهب، ويغير ويكثر جمعه من كل مائق (١)، وقاطع طريق حتى استفحل أمره، وعظمت فتنته وغنم الخيول، والسلاح والأمتعة، والأموال، والمواشي وصار من الملوك، وصار كلما حاربه عسكر، وأنهزموا فر إليه غلمان فحشد له أهل البصرة في ذي القعدة من العام، والتقوا فهزمهم، وقتل منهم مقتلة، ووقع رعبه في النفوس فوجه الخليفة جيشا فما نفعوا.

ثم أوقع بأهل الأبلة (٢) في سنة ست وأحرقها فسلم أهل عبادان (٣) بأيديهم، وسالموه فأخذ عبيدهم وسلاحهم.

ثم أخذ الأهواز فخافه أهل البصرة، وأنجفلوا فأخذها بالسيف في شوال سنة سبع وخمسين، وقت صلاة الجمعة وهرب جندها فأحرق الجامع بمن حوى، ولم تزل الحرب بينه وبين الموفق سجالًا.

واستباح واسط في سنة أربع وستين، وحصل للخبيث جواهر، وأموال فاستأثر بها فأنكر عليه المتقشفون من أصحابه، وذكروا له سيرة أبي بكر وعمر فقال: ليس فيهما قدوة.

وادعى أنه هو عبد الله المذكور في: ﴿قُلْ أُوحِي﴾ [الجن: ١] وزعم أن النبي ما يمتاز عليه إلَّا بالنبوة.

وزعم أنه تكلم في المهد صيح به: يا علي فقال: يا لبيك.

وكان يجمع اليهود والنصارى يسألهم عما في التوراة والأنجيل من ذكره، وهم يسخرون منه ويقرءون له فصولًا فيدعي أنها فيه، وزاد من الإفك فنفرت منه قلوب خلق من أتباعه ومقتوه.


(١) المائق: الحاقد.
(٢) الأبلة: بلدة على شاطئ دجلة البصرة العظمى في زاوية الخليج الذي يدخل إلى مدينة البصرة، وهي أقدم من البصرة قاله ياقوت الحموي في "معجم البلدان".
(٣) عبادان: موضع تحت البصرة قرب البحر المالح قاله ياقوت في "معجم البلدان".

<<  <  ج: ص:  >  >>