للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: هذا لو تم لكان يجيء في مائة مجلد.

قال: وابتدأ بكتابه "البسيط" فخرج منه كتاب "الطهارة" فجاء في نحو من ألف وخمس مائة ورقة، لأنه ذكر في كل باب منه اختلاف الصحابة والتابعين، وحجة كل قول، وخرج منه أيضًا أكثر كتاب الصلاة، وخرج منه آداب الحكام، وكتاب "المحاضر والسجلات"، وكتاب "ترتيب العلماء" وهو من كتبه النفيسة، ابتدأه بآداب النفوس وأقوال الصوفية، ولم يتمه، وكتاب "المناسك"، وكتاب "شرح السنة" وهو لطيف، بين فيه مذهبه واعتقاده، وكتابه "المسند" المخرج، يأتي فيه على جميع ما رواه الصحابي من صحيح وسقيم، ولم يتمه، ولما بلغه أن أبا بكر بن أبي داود تكلم في حديث غدير خم (١)، عمل كتاب "الفضائل" فبدأ بفضل أبي بكر، ثم عمر، وتكلم على تصحيح حديث غدير خم، واحتج لتصحيحه، ولم يتم الكتاب.

وكان ممن لا تأخذه في الله لومة لائم مع عظيم ما يلحقه من الأذى والشناعات، من جاهل، وحاسد، وملحد، فأما أهل الدين والعلم، فغير منكرين علمه، وزهده في الدنيا، ورفضه لها، وقناعته ﵀ بما كان يرد عليه من حصة من ضيعة خلفها له أبوه بطبرستان يسيرة.

وحدثني هارون بن عبد العزيز، قال: قال أبو جعفر: استخرت الله وسألته العون على ما نويته من تصنيف التفسير قبل أن أعمله ثلاث سنين، فأعانني.

القاضي أبو عبد الله القضاعي: حدثنا علي بن نصر بن الصباح، حدثنا أبو عمر عبيد الله بن أحمد السمسار، وأبو القاسم ابن عقيل الوراق: أن أبا جعفر الطبري قال لأصحابه: هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا؟ قالوا: كم قدره؟ فذكر نحو ثلاثين ألف ورقة فقالوا: هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه! فقال: إنا لله! ماتت الهمم، فاختصر ذلك في نحو ثلاثة آلاف ورقة، ولما أن أراد أن يملي التفسير قال لهم نحوًا من ذلك، ثم أملاه على نحو من قدر "التاريخ".

قال أحمد بن كامل القاضي: أربعة كنت أحب بقاءهم: أبو جعفر بن جرير، والبربري، وأبو عبد الله بن أبي خيثمة، والمعمري، فما رأيت أفهم منهم ولا أحفظ.


(١) وهو حديث: "من كنت مولاه فعلى مولاه"، وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "٢/ ٣٧٢"، بإسناده عن زيد بن أرقم: وسبق تخريجنا له في هذا الجزء بتعليق رقم "١٢٣"، وسبق تخريجنا له بإسهاب في ترجمة علي بن أبي طالب.

<<  <  ج: ص:  >  >>