للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالت: وكنت ليلة نائمة، فما أحسست به إلَّا وقد غشيني، فانتبهت مذعورة منكرة لذلك، فقال: إنما جئت لأوقظك للصلاة، ولما أصبحنا ومعي بنته، نزل فقالت بنته: اسجدي له، فقلت: أو يسجد لغير الله؟! فسمع كلامي، فقال: نعم، إله في السماء، وإله في الأرض.

قالت: ودعاني إليه، وأدخل يده في كمه، وأخرجها مملوءة مسكًا، فدفعه إلي، وقال: هذا تراب، اجعليه في طيبك.

وقال مرة: ارفعي الحصير، وخذي ما تريدين، فرفعتها فوجدت الدنانير تحتها مفروشة ملء البيت، فبهرني ما رأيت.

ولما حصل الحلاج في يد حامد، جد في تتبع أصحابه، فأخذ منهم: حيدرة، والسمري، ومحمد بن علي القنائي، وأبا المغيث الهاشمي، وابن حماد، وكبس بيته، وأخذت منه دفاتر كثيرة، وبعضها مكتوب بالذهب، مبطنة بالحرير، فقال له حامد: أما قبضت عليك بواسط، فذكرت لي دفعة أنك المهدي، وذكرت مرة أنك تدعو إلى عبادة الله، فكيف ادعيت بعدي الإلهية؟.

وكان في الكتب عجائب من مكاتباته إلى أصحابه النافذين إلى النواحي، يوصيهم بما يدعون الناس إليه، و"ما" يأمرهم به من نقلهم من حال إلى حال، ورتبة إلى رتبة، وأن يخاطبوا كل قوم على حسب عقولهم، وقدر استجابتهم وانقيادهم، وأجاب بألفاظ مرموزة، لا يعرفها غير من كتبها وكتبت إليه، وفي بعضها صورة فيها اسم الله على تعويج، وفي داخل ذلك التعويج مكتوب: علي ، إلى أن قال: وحضرت مجلس حامد وقد أحضر سفط من دار القنائي، فإذا فيه قدر جافة، وقوارير فيها شيء كالزئبق، وكسر جافة، فعجب الوزير من تلك القدر، وجعلها في سفط مختوم، فسئل السمري، فدافع، فألحوا عليه، فذكر أنها رجيع الحلاج، وأنه يشفي، وأن الذي في القوارير بوله، فقال السمري لي: فكل من هذه الكسر، ثم انظر كيف يكون قلبك للحلاج، ثم أحضر حامد الحلاج، وقال: أيش في هذا السفط؟ قال: ما أدري، وجاء غلام حامد الذي كان يخدم الحلاج، فأخبر أنه دخل بطبق. قال: فوجده ملء البيت من سقفه إلى أرضه، فهاله ما رأى، ورمى بالطبق من يده وحم.

قال ابن زنجي: وحملت دفاتر من دور أصحاب الحلاج، فأمرني حامد أن أقرأها والقاضي أبو عمر حاضر، والقاضي أبو حسين بن الأشناني، فمن ذلك: أن الإنسان إذا أراد الحج، أفرد في داره بيتًا، وطاف به أيام الموسم، ثم جمع ثلاثين يتيمًا، وكساهم قميصًا

<<  <  ج: ص:  >  >>