للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الصولي: أول من أوقع بالحلاج الأمير أبو الحسين علي بن أحمد الراسبي، وأدخله بغداد وغلامًا له على جملين قد شهرهما في سنة إحدى وثلاث مائة، وكتب معهما كتابًا: إن البينة قامت عندي أن الحلاج يدعي الربوبية ويقول بالحلول، فحبس مدة.

قال الصولي: قيل: إنه كان في أول أمره يدعو إلى الرضى من آل محمد، وكان يري الجاهل أشياء من شعبذته، فإذا وثق منه، دعاه إلى أنه إله.

وقيل: إن الوزير حامدًا وجد في كتبه: إذا صام الإنسان وواصل ثلاثة أيام وأفطر في رابع يوم على ورقات هندبا، أغناه عن صوم رمضان، وإذا صلى لي ليلة ركعتين من أول الليل إلى الغداة، أغنته عن الصلاة بعد ذلك، وإذا تصدق بكذا وكذا، أغناه عن الزكاة.

ذكر ابن حوقل، قال: ظهر من فارس الحلاج ينتحل النسك والتصوف، فما زال يترقى طبقًا عن طبق حتى آل به الحال إلى أن زعم: أنه من هذب في الطاعة جسمه، وشغل بالأعمال قلبه، وصبر عن اللذات، وامتنع من الشهوات، يترق في درج المصافاة، حتى يصفو عن البشرية طبعه، فإذا صفا، حل فيه روح الله الذي كان منه إلى عيسى، فيصير مطاعًا، يقول للشيء: كن، فيكون. فكان الحلاج يتعاطى ذلك، ويدعو إلى نفسه، حتى استمال جماعة من الأمراء والوزراء وملوك الجزيرة والجبال والعامة، ويقال: إن يده لما قطعت، كتب الدم على الأرض: الله الله.

قلت: ما صح هذا، ويمكن أن يكون هذا من فعله بحركة زنده.

قال محمد بن علي الصوري، الحافظ: سمعت إبراهيم بن محمد بن جعفر البزاز يقول: سمعت أبا محمد الياقوتي يقول: رأيت الحلاج عند الجسر على بقرة، ووجهه إلى ذنبها، فسمعته يقول: ما أنا الحلاج، ألقى الحلاج شبهه علي وغاب. فلما أدني من الخشبة التي يصلب عليها، سمعته يقول:

يا معين الضنا علي أعني على الضنا

قال أبو الحسين بن سالم: جاء رجل إلى سهل بن عبد الله، وبيده محبرة وكتاب، فقال لسهل: أحببت أن أكتب شيئًا ينفعني الله به. فقال: اكتب: إن استطعت أن تلقى الله وبيدك المحبرة، فافعل. فقال: يا أبا محمد! فائدة. فقال: الدنيا كلها جهل، إلَّا ما كان علمًا، والعلم كله حجة، إلَّا ما كان عملًا، والعمل موقوف، إلَّا ما كان على السنة، وتقوم السنة على التقوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>