للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولابن خزيمة عظمة في النفوس، وجلالة في القلوب؛ لعلمه ودينه واتباعه السنة.

وكتابه في "التوحيد" مجلد كبير، وقد تأول في ذلك حديث الصورة (١). فليعذر من تأول بعض الصفات، وأما السلف، فما خاضوا في التأويل، بل آمنوا وكفوا، وفوضوا علم ذلك إلى الله ورسوله، ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده -مع صحة إيمانه، وتوخيه لاتباع الحق- أهدرناه، وبدعناه، لقل من يسلم من الأئمة معنا، رحم الله الجميع بمنه وكرمه.

قال الحاكم: فضائل إمام الأئمة ابن خزيمة عندي مجموعة في أوراق كثيرة، ومصنفاته تزيد على مائة وأربعين كتابًا سوى المسائل، والمسائل المصنفة أكثر من مائة جزء. قال: وله فقه حديث بريرة (٢) في ثلاثة أجزاء.

قال حمد بن عبد الله المعدل: سمعت عبد الله بن خالد الأصبهاني يقول: سئل عبد الرحمن بن أبي حاتم عن أبي بكر بن خزيمة، فقال: ويحكم! هو يسأل عنا، ولا نسأل عنه! هو إمام يقتدى به.

قال الإمام أبو بكر محمد بن علي الشاشي: حضرت ابن خزيمة، فقال له أبو بكر النقاش، المقرئ: بلغني أنه لما وقع بين المزني وابن عبد الحكم، قيل للمزني: إنه يرد على الشافعي. فقال المزني: لا يمكنه إلَّا بمحمد بن إسحاق النيسابوري. فقال أبو بكر: كذا كان.


(١) صحيح: أخرجه البخاري "٦٢٢٧"، ومسلم "٢٨٤١" من طريق عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا به أبو هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: خلق الله ﷿ آدم على صورته طوله ستون ذراعا، فلما خلقه قال: اذهب فسلم على أولئك النفر، وهم نفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يجيبونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك قال: فذهب فقال: السلام عليكم فقالوا: السلام عليك ورحمة الله. قال: فزادوه: ورحمه الله. قال: فكل من يدخل الجنة على صورة آدم. وطوله ستون ذراعا فلم يزل الخلق ينقص بعده حتى الآن" واللفظ لمسلم.
(٢) صحيح: أخرجه البخاري "٢١٦٨" من حديث عائشة ﵂ قالت: جاءتني بريرة فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية، فأعينيني. فقلت: إن أحب أهلك أن أعدها لهم، يكون ولاؤك لي فعلت. فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم، فأبو ذلك عليها، فجاءت من عندهم ورسول الله ﷺ جالس فقالت: إني قد عرضت ذلك عليهم، فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم. فسمع النبي ﷺ فأخبرت عائشة النبي ﷺ فقال: خذيها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق. ففعلت عائشة ثم قام رسول الله ﷺ في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق" وأخرجه مسلم "١٥٠٤"، وأبو داود "٣٩٢٩"، "٣٩٣٠"، والترمذي "١٢٥٦"، والنسائي "٧/ ٣٠٠"، وابن ماجه "٢٥٢١".

<<  <  ج: ص:  >  >>