للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٦٤٥- أبو زُرْعَة الرَّازِي ١:

ثَلاَثَةٌ: فَالكَبِيْرُ مِنْ أَقْرَانِ البُخَارِيِّ مَرَّ، وَالأَوسَطُ ذَكَرتُهُ الآنَ، وَالأَصغَرُ هُوَ العلَّامة قَاضِي أَصْبَهَانَ، أَبُو زُرْعَةَ رَوْحُ بنُ مُحَمَّدٍ سِبْطِ الحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ بنِ السُّنِّيِّ.

سَمِعَ مِنْ: إِسْحَاق بن سَعْدٍ النَّسَوِيّ، وَجَعْفَرِ بن فَنَّاكي، وَأَبِي زُرْعَةَ أَحْمَدَ بن الحُسَيْنِ الرَّازِيّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ فَارس اللُّغَوِيّ، وَعِدَّة.

قَالَ الخَطِيْبُ: قَدِمَ عَلَيْنَا فحدَّث بِبَغْدَادَ وَبَالكَرج أَيْضاً، وَكَانَ صَدُوْقاً فَهماً، أَديباً شَاعِراً، وَلِي قَضَاءَ أَصْبَهَان. ثُمَّ قَالَ: وَبلغنِي مَوْتُهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ بِالكَرج.

قُلْتُ: سَمِعَ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ مِنْ أَصْحَاب هَذَا، وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ هَذِهِ الطَّبَقَة، كتبنَاهُ لِلتَّمْيِيْزِ.

قَرَأْتُ عَلَى سُلَيْمَان بن قُدَامَةَ الفَقِيْه: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ المصري، أخبرنا القاضي أبو زرعة رَوْحُ بنُ مُحَمَّدٍ السُّنِّي، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الجوَالِيقِي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُدْرِك بن زَنْجَلَةَ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بن حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ بن الْورْد، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَة، سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللهِ بنَ أَبِي يَزِيْدَ قَالَ: قَالَ لِي ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ ليومٍ فَضْلٌ عَلَى يَوْمٍ فِي الصِّيَامِ إلَّا شَهْر رَمَضَان، وَيوم عَاشُورَاء٢".

هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ فِيْهِ نكَارَة، وَابْنُ الورد صدوق، وهو أخو وهيب الزاهد.


١ ترجمته في تاريخ بغداد "٨/ ٤١٠"، والمنتظم لابن الجوزي "٨/ ٧٠"، وتذكرة الحفَّاظ "٣/ ترجمة رقم ٩٣١".
٢ منكر: أخرجه الطبراني في "الكبير" "١١/ ١١٢٥٣"، والطحاوي في "معاني الآثار" "٣٣٧١"، وابن عدي في "الكامل" "٥/ ٣٢٥" من طريق عبد الأعلى بن حماد، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته عبد الجبار بن الورد، فإنه ضعيف في حفظه، وقد أخطأ في رواية هذا الحديث, فاضطرب في إسناده؛ فمرَّةً رواه كما سبق عن ابن أبي مليكة، ورواه مرَّة عن "عمرو بن دينار" عن عبيد الله بن أبي يزيد، به.
ثم إنه قد خولف في متن هذا الحديث, فرواه جماعة من الثقات, عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي يَزِيْدَ، عَنْ ابن عباس قال: "ما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يتحرَّى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر -يعني رمضان "، أخرجه البخاري "٤/ ٢٠٠-٢٠١"، ومسلم، وأحمد "رقم ١٩٣٨، ٢٨٥٦، ٣٤٧٥"، والطحاوي، والطبراني، والبيهقي "٤/ ٢٨٦" من طرق عبيد الله، به.
وأحد أسانيده عند أحمد ثلاثي, فهذا هو أصل الحديث، وهو كما ترى من قول ابن عباس, ولفظه بناءً على ما علمه من صيامه -صلى الله عليه وسلم، فجاء عبد الجبار فرواه مرفوعًا من قول النبي -صلى الله عليه وسلم، وشَتَّان ما بين الروايتين, فإن هذه الرواية الضعيفة تتعارض مع الأحاديث الأخرى التي تصرح بأن لبعض أيام أخرى غير يوم عاشوراء فضلًا على سائر الأيام؛ كقوله -صلى الله عليه وسلم: "صوم يوم عرفة يكفِّر السنة الماضية والباقية" رواه مسلم وغيره عن أبي قتادة، فكيف يعقل مع هذا أن يقول عليه السلام ما رواه عنه عبد الجبار هذا؟!
أمَّا الرواية الصحيحة لحديث ابن عباس، فإنما فيها إثبات التعارض بين نفي ابن عباس فضل يوم غير عاشوراء، وإثبات غيره كأبي قتادة, وهذا الأمر فيه هين لما تقرَّر في الأصول: "إن المثبت مقدَّم على النافي", وإنما الإشكال الواضح أن ينسب النفي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم, مع أنه قد صرَّح فيما صحَّ عنه بإثبات ما عزي إليه من النفي.
ومما تقدَّم تبيِّن أن لا إشكال، وأن نسبة النفي إليه -صلى الله عليه وسلم- وَهْمٌ من بعض الرواة.

<<  <  ج: ص:  >  >>