للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا والله، ودخلا الفردوس، وخرجا إلى الرحبة. وذهب أبو الهيجاء على فرسه، فوجد نازوك قتيلًا، وسدت المسالك عليه وعلى القاهر، وأقبلت خواص المقتدر في السلاح، فدخل أبو الهيجاء كالجمل، ثم صاح: يال يخلت أأقتل بين الحيطان؟ أين الكميت؟ أين الدهماء؟ فرموه بسهم في ثديه، وبآخر في ترقوته. فنزع منه الأسهم، وقتل واحدًا منهم، ثم قتلوه. وجيء برأسه إلى المقتدر، فتأسف عليه، وجيء إليه بالقاهر فقبله وقال: يا أخي أنت والله لا ذنب لك. وهو يبكي ويقول: الله في دمي يا أمير المؤمنين، وطيف برأس نازوك، وأبي الهيجاء. ثم أتى مؤنس والقواد والقضاة، وبايعوا المقتدر. وأنفق في الجند مالًا عظيمًا. وحج الناس فأقبل أبو طاهر القرمطي، ووضع السيف بالحرم في الوفد، واقتلع الحجر الأسود. وكان في سبع مائة راكب فقتلوا في المسجد أزيد من ألف. ولم يقف أحد بعرفة، وصاح قرمطي: يا حمير أنتم قلتم: "ومن دخله كان آمنًا" فأين الأمن؟.

وأما الروم فعاثوا في الثغور، وفعلوا العظائم، وبذل لهم المسلمون الإتاوة.

ووزر في سنة ثمان عشرة: للمقتدر سليمان بن الحسن، ثم قبض عليه في سنة تسع عشرة واستوزر عبيد الله بن محمد الكلوذاني. وظهر مرداويج في الديلم، وملكوا الجبل بأسره إلى حلوان، وهزموا العساكر. ثم عزل الكلوداني بالحسين بن القاسم بن عبيد الله. وقلت الأموال على المقتدر، وفسد ما بينه وبين مؤنس، فذهب مغاضبًا إلى الموصل. وقبض الوزير على أمواله، وهزم مؤنس بني حمدان، وتملك الموصل في سنة عشرين وثلاث مائة. والتقى والي طرسوس الروم، فهزمهم أولًا، ثم هزموه.

وفي سنة عشرين وثلاث مائة: عزل الوزير الحسين بأبي الفتح بن الفرات، ولاطف المقتدر الديلم، وبعث بولاية أذربيجان وأرمينية والعجم إلى مرداويج. وتسحب أمراء إلى مؤنس، وخاف المقتدر، وتهيأ للحرب، فأقبل مؤنس في جمع كبير. وقيل للمقتدر: إن جندك لا يقاتلون إلَّا بالمال، وطلب منه مائتا ألف دينار، فتهيأ للمضي إلى واسط، فقيل له: اتق الله، ولا تسلم بغداد بلا حرب، فتجلد وركب في الأمراء والخاصة والقراء، والمصاحف منشورة. فشق بغداد، وخرج إلى الشماسية، والخلق يدعون له. وأقبل مؤنس، والتحم الحرب، ووقف المقتدر على تل، فألحوا عليه بالتقدم لينصح جمعه في القتال فاستدرجوه حتى توسط، وهو في طائفة قليلة، فانكشف جمعه، فيرميه بربري فسقط فذبح، ورفع رأسه على رمح وسلبوه، فسترت عورته بحشيش، ثم طم وعفي أثره.

ونقل الصولي أن قاتله غلام لبليق، كان من الأبطال. تعجب الناس منه مما عمل يومئذ

<<  <  ج: ص:  >  >>