للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منه، والمعاملة كلها استعمال الأَوْلَى فالأَوْلَى، والرضى كله ترك الاعتراض، والعافية كلها سقوط التكلّف بلا تكلف.

وكان Object قد صحب الجنيد، وأبا أحمد القلانسي.

وعَمِل تاريخًا للبصرة لم أره، أمَّا كتابه في طبقات النسّاك فنقلت منه.

ومن كلامه في ترجمة أبي الحسين النوري قال: مات وهم يتكلَّمون عنده في شيء، سكوتهم عنه أَوْلَى؛ لأنه شيء يتكهَّنون فيه، ويتعسَّفون بظنونهم، فإذا كان أولئك كذلك، فكيف بمن حدَّث بعدهم? قال أيضًا: إنما كانوا يقولون: جمع، وصورة الجمع عند كل أحد بخلافها عند الآخر، وكذلك صورة الفناء، وكانوا يتفقون في الأسماء، ويختلفون في معناها؛ لأن ما تحت الاسم غير محصور؛ لأنها من المعارف.

قال: وكذلك علم المعرفة غير محصور، لا نهاية له ولا لوجوده ولا لذوقه، إلى أن قال: ولقد أحسن في المقال، فإذا سمعت الرجل يسأل عن الجمع أو الفناء، أو يجيب فيهما، فاعلم أنه فارغ ليس من أهل ذلك؛ إذ أهلهما لا يسألون عنه؛ لعلمهم أنه لا يدرك بالوصف.

قلت: إي والله، دقَّقوا وعمَّقوا وخاضوا في أسرار عظيمة، ما معهم على دعواهم فيها سوى ظنّ وخيال، ولا وجود لتلك الأحوال من الفناء والمحو والصحو والسكر إلَّا مجرد خطرات ووساوس، ما تفوّه بعباراتهم صديق ولا صاحب ولا إمام من التابعين، فإن طالبتهم بدعاويهم مقتوك وقالوا: محجوب، وإن سلمت لهم قيادك تخبّط ما معك من الإيمان، وهبط بك الحال على الحيرة والمحال، ورمقت العباد بعين المقت، وأهل القرآن والحديث بعين البعد، وقلت: مساكين محجوبون. فلا حول ولا قوة إلَّا بالله.

فإنما التصوّف والتأله والسلوك والسير والمحبة ما جاء عن أصحاب محمد Object؛ من الرضا عن الله، ولزوم تقوى الله، والجهاد في سبيل الله، والتأدب بآداب الشريعة من التلاوة بترتيل وتدبر، والقيام بخشية وخشوع، وصوم وقت وإفطار وقت، وبذل المعروف، وكثرة الإيثار، وتعليم العوام، والتواضع للمؤمنين، والتعزز على الكافرين، ومع هذا، فالله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

والعالم إذا عَرِيَ من التصوف والتأله فهو فارغ، كما أنَّ الصوفي إذا عَرِيَ من علم السنة زلَّ عن سواء السبيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>