للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٩٤٧ - مسعود (١):

كان طوالًا جسيمًا، مليحًا، كبير العين، شديدًا حازمًا، كثير البر، ساد الجواب، رؤوفًا بالرعية، محبًا للعلم. صنف له كتب في فنون، وكان أبوه يخشى مكانه. ويحب أخاه محمدًا، فأبعد مسعودًا، وأعطاه الري والجبال، وطلب منه أن يحلف لأخيه أنه لا يقاتله، قال: أفعل إن أشهد مولانا على نفسه أني لست ولده، أو يحلف لي أخي أنه لا يخفيني من ميراثي شيئًا.

ولما سمع: مسعود بموت أبيه، لبس السواد، وبكى، وعمل عزاءه بأصبهان، وخطب لنفسه بأصبهان والري وأرمينية، ثم سار واستقر بنيسابور، ومالت الأمراء إلى شهاب الدولة مسعود، وجرت بينه وبين أخيه محمد مراسلات، ثم قبضوا على محمد، وبادروا إلى خدمة السلطان مسعود، فقدم هراة، وكان أخوه محمد الملقب بجمال الدولة منهمكًا في اللذات المردية والسكر. ثم قبض مسعود على عمه يوسف وعلى علي الحاجب. ودانت له الممالك. وأظهر كتاب القادر بالله، وأنه لقبه بالناصر لدين الله ظهير خليفة الله. ولبس خلعًا وتاجًا، ثم أطلق الوزير أحمد بن الحسن الميمندي، واستوزره، ثم أخذت الري من مسعود، فجهز جيشًا استباحوها، وعملوا قبائح، وجرت له حروب على الدنيا، وقدم عليه رسول الديوان، فاحتفل لقدومه، وزينت خراسان، وكان يوم قدومه بلخ يومًا مشهودًا كدخول السلطان. وكان في الموكب مائةا فيل والجيش ملبس.

ووقع الوباء في عام ثلاثة وعشرين وأربع مائة بالهند وغزنة وأطراف خراسان، حتى إنه خرج من أصبهان في مدة قريبة أربعون ألف جنازة، وكان ملكها أبو جعفر بن كاكويه والخليفة القائم وسلطان العراق جلال الدولة، وأبو كاليجار على فارس، ومسعود بن محمد على خراسان والجبال والغور والهند. وتوفي قدرخان التركي؛ صاحب ما وراء النهر في هذا العام، وتأهب مسعود، وحشد يقصد العراق، فجاءه أمر شغله؛ وهو عصيان نائبه على الهند، فسار


(١) ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "٨/ ١١٣"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "٥/ ١٨١"، والعبر "٣/ ١٨٠"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "٣/ ٢٥٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>