للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال السلفي: سمعت مرشد بن يحيى المديني يقول: اشتريت من كتب الحبال عشرين قنطارًا بمائة دينار، فكان عنده أكثر من خمس مائة قنطار كتب.

قيل: إن بعض طلبة الحديث قصد أبا إسحاق الحبال، ليسمع منه -جزءًا وذلك قبل أن يمنع- فأخرج به عشرين نسخةً، وناول كل واحد نسخة يقابل بها.

قال الحافظ محمد بن طاهر: سمعت أبا إسحاق الحبال يقول: كان عندنا بمصر رجل يسمع معنا الحديث، وكان متشددًا، وكان يكتب السماع على الأصول، فلا يكتب اسم أحد حتى يستحلفه أنه سمع الجزء، ولم يذهب عليه منه شيء. وسمعته يقول: كنا يومًا نقرأ على شيخ، فقرأنا قوله -عليه الصلاة السلام-: "لا يدخل الجنة قتات" (١). وكان في الجماعة رجل يبيع القت -وهو علف الدواب- فقام وبكى، وقال: أتوب إلى الله. فقيل له: ليس هو ذاك، لكنه النمام الذي ينقل الحديث من قوم إلى قوم يؤذيهم. قال: فسكن، وطابت نفسه.

قال ابن طاهر: كان شيخنا الحبال لا يخرج أصله من يده إلَّا بحضوره، يدفع الجزء إلى الطالب، فيكتب منه قدر جلوسه، وكان له بأكثر كتبه نسخ عدة، ولم أر أحدًا أشد أخذًا منه، ولا أكثر كتبًا، وكان مذهبه في الإجازة أن يقدمها على الإخبار يقول: أجاز لنا فلان. ولا يقول: أخبرنا فلان إجازة. يقول: ربما تسقط لفظة إجازة، فتبقى إخبارًا، فإذا بدئ بها، لم يقع شك.

قلت: لا حرج في هذا، وإنما هو استحسان.

قال: وسمعته يقول: خرج الحافظ أبو نصر السجزي على أكثر من مائة، لم يبق منهم غيري.

قال ابن طاهر: خرج له أبو نصر عشرين جزءًا في وقت الطلب، وكتبها في كاغد عتيق، فسألنا الحبال، فقال: هذا من الكاغد الذي كان يحمل إلى الوزير يعني: ابن حنزابة من سمرقند، وقع إلي من كتبه قطعة، فكنت إذا رأيت ورقةً بيضاء قطعتها، إلى أن اجتمع لي هذا القدر.

قال ابن طاهر: لما قصدت أبا إسحاق الحبال- وكانوا وصفوه لي بحليته وسيرته، وأنه يخدم نفسه فكنت في بعض الأسواق ولا أهتدي إلى أين أذهب، فرأيت شيخًا على الصفة


(١) صحيح: أخرجه البخاري "٦٠٥٦"، ومسلم "١٠٥"، وأبو داود "٤٨٧١"، والترمذي "٢٠٢٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>