للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسمع أبا علي بن شاذان، وأبا القاسم الحرفي، وأحمد بن عبد الله بن المحاملي، وطلحة بن الصقر، وأبا بكر البرقاني، ومحمد بن عيسى الهمذاني، وعبد الملك بن بشران الواعظ، وابن غيلان، وطبقتهم، واختص بالخطيب، ولازمه.

وصنف وجمع، وكان كبير القدر، كامل السؤدد، كثير الأموال، يرجع إلى عقل ورأي وعلم وافر، ونعمة جسيمة.

حدث عنه: شيخه جعفر بن محمد المستغفري، وأبو بكر الخطيب، ويوسف بن أيوب الهمذاني الزاهد، وزاهر بن طاهر الشحامي، وهبة الله بن سهل السيدي، وأبو الأسعد هبة الرحمن بن القشيري، وأبو طالب محمد بن عبد الرحمن الحيري، وأبو الفتح أحمد بن الحسين الأديب، لكن هذا بالإجازة، وآخر من بقي من أصحابه: الخطيب أبو المعالي المديني.

قال أبو سعد السمعاني: هو أفضل علوي في عصره، له المعرفة التامة بالحديث، وكان يرجع إلى عقل وافر ورأي صائب، برع بأبي بكر الخطيب في الحديث، نقل عنه الخطيب -أظن في كتاب "البخلاء" رُزق حسن التصنيف، وسكن في آخر عمره سمرقند، ثم قدم بغداد، وأملى بها، وحدث بأصبهان، ثم رجع إلى سمرقند.

سمعت يوسف بن أيوب الزاهد يقول: ما رأيت علويًا أفضل منه. وأثنى عليه، وكان من الأغنياء المذكورين، وكان كثير الإيثار، ينفذ في العام إلى جماعة من الأئمة الألف دينار والخمس مائة وأكثر إلى كل واحد، فربما بلغ ذلك عشرة آلاف دينار، ويقول: هذه زكاة مالي، وأنا غريب، ففرقوا على من تعرفون استحقاقه، وكل من أعطيتموه؛ فاكتبوا له خطًا، وأرسلوه حتى أعطيه من عشر الغلة. قال: وكان يملك قريبًا من أربعين قرية خالصةً له بنواحي كس، وله في كل قرية وكيل أميز من رئيس بسمرقند.

هذا قول السمعاني، ولقد بالغ، فهذا في رتبة ملك، ومثل هذا يصلح للخلافة.

ثم قال أبو سعد: وسمعت أبا المعالي محمد بن نصر الخطيب يقول ذلك، وكان من أصحاب الشريف. وسمعته يقول: إن الشريف أنشأ بستانًا عظيمًا، فطلب صاحب ما وراء النهر الخاقان خضر أن يحضر دعوته في البستان، فقال الشريف للحاجب: لا سبيل إلى ذلك. فألح عليه، فقال: لكني لا أحضر، ولا أهيئ له آلة الفسق والفساد، ولا أعصي الله تعالى. قال: فغضب الخاقان، وأراد أن يقبض عليه، فاختفى عند وكيل له نحوًا من شهر، فنودي عليه في البلد، فلم يظفروا به، ثم أظهروا ندمًا على ما فعلوا ليطمئن، وألح عليه أهله في الظهور، فجلس على ما كان مدة، ثم إن الملك نفذ إليه ليشاوره في أمر، فلما حصل

<<  <  ج: ص:  >  >>