للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن عقيل في "الفنون": الأصلح لاعتقاد العوام ظواهر الآي، لأنهم يأنسون بالإثبات، فمتى محونا ذلك من قلوبهم، زالت الحشمة.

قال: فتهافتهم في التشبيه أحب إلينا من إغراقهم في التنزيه، لأن التشبيه يغمسهم في الإثبات، فيخافون ويرجون، والتنزيه يرمي بهم إلى النفي، فلا طمع ولا مخافة في النفي، ومن تدبر الشريعة، رآها غامسة للمكلفين في التشبيه بالألفاظ الظاهرة التي لا يعطي ظاهرها سواه، كقول الأعرابي: أويضحك ربنا? قال النبي : "نعم" (١)، فلم يكفهر لقوله، تركه وما وقع له.

قلت: قد صار الظاهر اليوم ظاهرين: أحدهما حق، والثاني باطل، فالحق أبو يقول: إنه سميع بصير، مريد متكلم، حي عليم، كل شيء هالك إلَّا وجهه، خلق آدم بيده، وكلم موسى تكليمًا، واتخذ إبراهيم خليلًا، وأمثال ذلك، فنمره على ما جاء، ونفهم منه دلالة الخطاب كما يليق به تعالى، ولا نقول: له تأويل يخالف ذلك.

والظاهر الآخر وهو الباطل، والضلال: أن تعتقد قياس الغائب على الشاهد، وتمثل البارئ بخلقه، تعالى الله عن ذلك، بل صفاته كذاته، فلا عدل له، ولا ضد له، ولا نظير له، ولا مثيل له، ولا شبيه له، وليس كمثله شيء، لا في ذاته، ولا في صفاته، وهذا أمرٌ يستوي فيه الفقيه والعامي، والله أعلم.

قال السلفي: سمعت ابن عقيل يقول: كان جدي كاتب بهاء الدولة بن بويه، وهو الذي كتب نسخة عزل الطائع، وتولية القادر، وهي عندي بخط جدي.

وقال أبو المظفر سبط ابن الجوزي: حكى ابن عقيل عن نفسه قال: حججت، فالتقطت عقد لؤلؤ فيه خيط أحمر، فإذا شيخ أعمى ينشده، ويبذل لملتقطه مائة دينار، فرددته عليه، فقال: خذ الدنانير، فامتنعت. وخرجت إلى الشام، وزرت القدس، وقصدت بغداد، فأويت بحلب إلى مسجد وأنا بردان جائع، فقدموني، فصليت بهم، فأطعموني، وكان أول رمضان، فقالوا: إمامنا توفي، فصل بنا هذا الشهر، ففعلت، فقالوا: لإمامنا بنتٌ، فزوجت


(١) ضعيف: أخرجه أحمد "٤/ ١١"، وابن ماجه "١/ ١٨١"، من طريق يزيد بن هارون، أنبأنا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن عدس، عن عمه أبي رزين قال: قال رسول الله : ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره" قال: قلت: يا رسول الله أو يضحك الرب؟ قال: نعم. قلت: لن نعدم من رب يضحك خيرًا.
قلت: إسناده ضعيف، آفته وكيع بن عدس، قال الذهبي في "الميزان": لا يعرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>