للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٧٤٩ - الراشد بالله (١):

أمير المؤمنين، أبو جعفر منصور بن المسترشد بالله الفضل بن أحمد العباسي.

ولد سنة اثنتين وخمس مائة في رمضان. فقيل: ولد بلا مخرج، ففتق له مخرج بآلةٍ من ذهب، وأمه أم ولد.

خطب له بولاية العهد سنة ثلاث عشرة وخمس مائة، واستخلف في ذي القعدة سنة تسع وعشرين.

وكان أبيض مليحًا، تام الشكل، شديد الأيد، يقال: إنه كان بدار الخلافة أيل عظيم اعترضه في البستان، فأحجم الخدم، فهجم على الأيل، وأمسك بقرنيه ورماه، وطلب منشارًا، فقطع قرنيه.

وكان حسن السيرة، مؤثرًا للعدل، فصيحًا عذب العبارة، أديبًا شاعرًا، جوادًا، لم تطل أيامه حتى خرج إلى الموصل، ثم إلى أذربيجان، وعاد إلى أصبهان، فأقام على بابها مع السلطان داود، محاصرًا لها، فقتلته الملاحدة هناك، وكان بعد خروجه من بغداد مجيء السلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه، فاجتمع بالأعيان، وخلعوا الراشد، وبايعوا عمه المقتفي.

قال أبو طالب بن عبد السميع: من كلام الراشد: إنا نكره الفتن إشفاقًا على الرعية، ونؤثر العدل والأمن في البرية، ويأبى المقدور إلَّا تصعب الأمور، واختلاط الجمهور، فنسأل الله العون على لم شعث الناس بإطفاء نائرة البأس.

قال أبو الحسن البيهقي في "وشاح دمية القصر": الراشد بالله أعطاه الله مع الخلافة صورةٌ يوسفية، وسيرةٌ عمرية.

أنشدني رسوله له:

زمانٌ قد استنت فصال صروفه … وذلل آساد الكرام لذي القرعى

أكولته تشكو صروف زمانه … وليس لها مأوى وليس لها مرعى

فيا قلب لا تأسف عليه فربما … ترى القوم في أكناف أفنائه صرعى

وله قصيدة طويلة منها:

أقسم بالله وهل خليفه … يحنث إن أقسم في اليمين

لا تزرن في الحروب صادقا … لأكشف العار الذي يعلوني

مشمرًا عن ساق عزمي طالبًا … ثأر الإمام الوالد الأمين

عمري عمري والذي قدر لي … ما ينمحي المكتوب عن جبيني

قال ابن ناصر: بقي الأمر للراشد سنة، ثم دخل مسعود، وفي صحبته أصحاب المسترشد


(١) ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "١٠/ ٧٦"، والعبر "٤/ ٨٩"، وشذرات الذهب "٤/ ١٠٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>