للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شيخنا ابن الأخضر، وكان شيخًا صدوقًا أمينًا، من مشايخ الصوفية ومحاسنهم، ذا ورع وعبادة مع علو سنه، وله أصول حسنة، وسماعات صحيحة.

ثم قال: قرأت في كتاب أحمد بن صالح الجيلي: توفي شيخنا أبو الوقت ليلة الأحد سادس ذي القعدة سنة ثلاث وخمسين وخمس مائة نصف الليل، وصلي عليه ضاحي نهار اليوم برباط فيروز الذي كان نازلًا فيه، ثم صلي عليه بالجامع، وأمنا الشيخ عبد القادر الجيلي، وكان الجمع متوفرًا، وكنت يوم خامس الشهر عنده، وقرأت عليه الحديث إلى وقت الظهر، وكان مستقيم الرأي، حاضر الذهن، ولم نر في سنه مثل سنده، وكان شيخًا صالحًا سنيًا، قارئًا للقرآن، قد صحب الأشياخ، وعاش حتى ألحق الصغار بالكبار، ورأى من رئاسة التحديث ما لم يره أحد من أبناء جنسه، وسمع منه من لم يرغب في الرواية قبله، وكان آخر من روى في الدنيا عن الداوودي وبقية أشياخه، وقرئت الكتب التي معه كلها عليه والأجزاء مرات في عدة مواضع، وسمعها منه ألوف من الناس، وصل بغداد في حادي عشر شوال سنة اثنتين وخمسين، صحب شيخ الإسلام نيفًا وعشرين سنة.

أنبأنا طائفة عن ابن النجار، قال: أنشدنا داود بن معمر بأصبهان، أنشدنا محمد بن الفضل العقيلي لنفسه في سنة إحدى وخمسين:

أتاكم الشيخ أبو الوقت … بأحسن الأحبار عن ثبت

طوى إليكم ناشرًا علمه … مراحل الأبرق والخبت

ألحق بالأشياخ أطفالكم … وقد رمى الحاسد بالكبت

فمنّة الشّيخ بما قد روى … كمنّة الغيث على النّبت

بارك فيه اللّه من حاملٍ … خلاصة الفقه إلى المفتي

انتهزوا الفرصة يا سادتي … وحصّلوا الإسناد في الوقت

فإنّ من فوّت ما عنده … يصير ذا الحسرة والمقت

وفيها مات: الحافظ عبد الجليل بن محمد كوتاه الأصبهاني، وعلي ابن عساكر بن سرور الخشاب بدمشق، والإمام أبو حفص عمر بن أحمد بن الصفار النيسابوري، وأبو الفتح المبارك بن أحمد بن رزيق الواسطي الحداد المقرئ، وأبو المحاسن مسعود بن محمد الغانمي الهروي.

<<  <  ج: ص:  >  >>