للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

له حظ من العربية، كثير الحديث، حسن الفهم والبصيرة فيه. روى عنه محمد بن طاهر المقدسي؛ فسمعت أبا العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الحافظ بأصبهان يقول: سمعت ابن طاهر يقول: سمعت أبا طاهر الأصبهاني -وكان من أهل الصنعة- يقول: كان أبو حازم العبدوي، إذا روى عن أبي سعد الماليني، يقول: أخبرنا أحمد بن حفص الحديثي، هذا أو نحوه. وقد صحب السلفي والدي مدةً ببغداد، ثم سافر إلى الشام، ومضى إلى صور، وركب البحر إلى مصر، وأجاز لي مروياته في سنة ثمان وخمسين وخمس مائة.

وقال عبد القادر الرهاوي: سمعت من يحكي عن ابن ناصر أنه قال عن السلفي: كان ببغداد كأنه شعلة نار في تحصيل الحديث. وسمعت محمد بن أبي الصقر يقول: كان السلفي إذا دخل على هبة الله ابن الأكفاني يتلقاه، وإذا خرج يشيعه.

ثم قال عبد القادر: كان له عند ملوك مصر الجاه والكلمة النافذة مع مخالفته لهم في المذهب -يريد عبد القادر الملوك الباطنية المتظاهرين بالرفض- وقد بنى الوزير العادل ابن السلار مدرسةً كبيرةً، وجعله مدرسها على الفقهاء الشافعية، وكان ابن السلار له ميل إلى السنة.

قال عبد القادر الحافظ: وكان أبو طاهر لا تبدو منه جفوة لأحد، ويجلس للحديث فلا يشرب ماءً، ولا يبزق، ولا يتورك، ولا تبدو له قدم، وقد جاز المائة. بلغني أن سلطان مصر حضر عنده للسماع، فجعل يتحدث مع أخيه، فزبرهما، وقال: أيش هذا، نحن نقرأ الحديث، وأنتما تتحدثان?! وبلغني أن مدة مقامه بالإسكندرية ما خرج منها إلى بستان ولا فرجة سوى مرة واحدة، بل كان لازمًا مدرسته، وما كنا نكاد ندخل عليه إلَّا ونراه مطالعًا في شيء، وكان حليمًا متحملًا لجفاء الغرباء.

خرج من بغداد سنة خمس مائة إلى واسط والبصرة، ودخل خوزستان وبلاد السيس ونهاوند، ثم مضى إلى الدربند، وهو آخر بلاد الإسلام، ثم رجع إلى تفليس وبلاد أذربيجان، ثم خرج إلى ديار بكر، وعاد إلى الجزيرة ونصيبين وماكسين، ثم صعد إلى دمشق.

ولما دخل الإسكندرية رآه كبراؤها وفضلاؤها، فأستحسنوا علمه وأخلاقه وآدابه، فأكرموه، وخدموه، حتى لزموه عندهم بالإحسان.

وحدثني رفيق لي عن ابن شافع، قال: السلفي شيخ العلماء.

وسمعت بعض فضلاء همذان يقول: السلفي أحفظ الحفاظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>