للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنشدنا أبو الحسين ابن الفقيه، وأبو علي القلانسي، قالا: أنشدنا أبو الفضل الهمداني، أنشدنا أبو طاهر السلفي لنفسه:

ليس حسن الحديث قرب رجالٍ … عند أرباب علمه النقّاد

بل علوّ الحديث عند أولي الإت … قان والحفظ صحة الإسناد

فإذا ما تجمّعا في حديثٍ … فاغتنمه فذاك أقصى المراد

قد مر ذكر مولده وأنه على التقدير، وقد قال المحدث محمد بن عبد الرحمن بن علي التجيبي الأندلسي: سمعت على السلفي ووجدت بخطه مقيدًا: مولدي بأصبهان سنة اثنتين وسبعين وأربع مائة تخمينًا لا يقينًا. ويقوي هذا ما تقدم عن السخاوي، والأظهر خلافه من قوله لما كتبوا عنه وهو أمرد، ومن قوله وقت قتلة نظام الملك.

وقال القاضي شمس الدين أحمد بن خلكان: كانت ولادته بأصبهان سنة اثنتين وسبعين تقريبًا. قال: ووجدت العلماء بمصر والمحدثين من جملتهم الحافظ المنذري يقولون في مولد السلفي هذه المقالة. ثم وجدت في كتاب زهر الرياض لأبي القاسم ابن الصفراوي أن السلفي كان يقول: مولدي بالتخمين لا باليقين سنة ثمان وسبعين. فيكون مبلغ عمره على مقتضى ذلك ثمانيًا وتسعين سنةً.

ثم قال ابن خلكان: ورأيت في تاريخ ابن النجار ما يدل على صحة ما قاله الصفراوي، فإنه قال: قال عبد الغني المقدسي: سألت السلفي عن مولده، فقال: أنا أذكر قتل نظام الملك سنة خمس وثمانين ولي نحو عشر سنين، ولو كان مولده في سنة اثنتين وسبعين على ما يقوله أهل مصر ما كان يقول: أذكر قتل نظام الملك، فيكون على ما قالوه عمره ثلاث عشرة سنة أو أربع عشرة، ولم تجر العادة أن من سنه هكذا أن يقول: أذكر القصة الفلانية. قال: فقد ظهر بهذا أن قول الصفراوي تلميذه أقرب إلى الصحة.

قلت: أرى أن القولين بعيدان، وهما سنة اثنتين، وسنة ثمان، فإنه قد حدث في سنة اثنتين وتسعين في أولها، وقد مر أنه قال: كنت ابن سبع عشرة سنةً أكثر أو أقل بقليل، فلو كان مولده سنة اثنتين لكان ابن عشرين سنةً تامةً، ولو كان على ما قال الصفراوي لكان قد كتبوا عنه وهو ابن أربع عشرة، وهذا بعيد جدًا، فتعين أن مولده على هذا يكون في سنة أربع أو خمس وسبعين، وأنه ممن جاوز المائة بلا تردد.

قال ابن خلكان: مع أنا ما علمنا أحدًا منذ ثلاث مائة سنة إلى الآن بلغ المائة -فضلًا عن أنه زاد عليها- سوى القاضي أبي الطيب الطبري: فإنه عاش مائةً وسنتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>