للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فسار علي ليلته في القتلى، معه النيران، فمر بمحمد بن طلحة قتيلا، فقال: يا حسن، محمد السجاد ورب الكعبة، ثم قال: أبوه صرعه هذا المصرع، ولولا بره بأبيه ما خرج. فقال الحسن: ما كان أغناك عن هذا! فقال: ما لي وما لك يا حسن.

وقال شريك، عن الأسود بن قيس: حدثني من رأى الزبير يوم الجمل، وناداه علي: يا أبا عبد الله، فأقبل حتى التقت أعناق دوابهما، فقال: أنشدك بالله، أتذكر يوم كنت أناجيك، فأتانا الرسول ﷺ فقال: "تناجيه فوالله ليقاتلنك وهو لك ظالم" (١). قال: فلم يعد أن سمع الحديث، فضرب وجه دابته وانصرف.

وقال هلال بن خباب، فيما رواه عنه أبو شهاب الحناط، وغيره، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال يوم الجمل للزبير: يا ابن صفية، هذه عائشة تملك طلحة، فأنت على ماذا تقاتل قريبك عليًّا؟ فرجع الزبير، فلقيه ابن جرموز فقتله.

وقال يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: انصرف الزبير يوم الجمل عن علي، وهم في المصاف، فقال له ابنه عبد الله: جبنًا جبنًا، فقال: قد علم الناس أني لست بجبان، ولكن ذكرني علي شيئا سمعته من رسول الله ﷺ، فحلفت أن لا أقاتله، ثم قال:

ترك الأمور التي أخشى عواقبها … في الله أحسن في الدنيا وفي الدين

وكيع، عن عصام بن قدامة -وهو ثقة- عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله ﷺ: "أيتكن صاحبة الجمل الأدبب، يقتل حواليها قتلى كثيرون، وتنجوا بعد ما كادت" (٢).

وقيل: إن أول قتيل كان يومئذ مسلم الجهني، أمره علي فحمل مصحفا، فطاف به على القوم يدعوهم إلى كتاب الله، فقتل. وقطعت يومئذ سبعون يدا من بني ضبة بالسيوف، صار كلما أخذ رجل بخطام الجمل الذي لعائشة، قطعت يده، فيقوم آخر مكانه ويرتجز، إلى أن صرخ صارخ اعقروا الجمل، فعقره رجل مختلف في اسمه، وبقي الجمل والهودج الذي عليه، كأنه قنفذ من النبل، وكان الهودج ملبسا بالدروع، وداخله أم المؤمنين، وهي تشجع الذين حول الجمل، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.


(١) ضعيف: فيه شريك، وهو ابن عبد الله النخعي القاضي، وهو سيئ الحفظ. وفيه جهالة من رأى الزبير.
(٢) حديث: صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>