للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحبه في اللفظ، وعول المهاجرون والأنصار ومن تبعهم على العرضة الأخيرة التي عرضها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على جبريل عليه السلام في العام الذي قبض فيه، وذلك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعرض عليه في كل سنة مرة جميع ما أنزل عليه فيها إلا في السنة التي قبض فيها، فإنه عرض عليه مرتين.

قلت: وهذا كلام مستقيم حسن، وتتمته أن يقال:

أباح الله تعالى أن يقرأ على سبعة أحرف ما يحتمل ذلك من ألفاظ القرآن وعلى دونها ما يحتمل ذلك من جهة اختلاف اللغات وترادف الألفاظ توسيعا على العباد، ولهذا كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لما أوحي إليه أن يقرأه على حرفين وثلاثة: "هون على أمتي ... " (١) على ما سبق ذكره في أول الباب، فلما انتهى إلى سبعة وقف، وكأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علم أنه لا يحتاج من ألفاظه لفظة إلى أكثر من ذلك غالبا، والله أعلم.

وإنما غرضنا الآن تحقيق معنى [٣٦ و] هذا العدد الذي هو سبعة أحرف.

قال الأهوازي: وقالت طائفة: سبع لغات من قريش حسب. وقال بعضهم: خمس منها بلغة هوازن، وحرفان لسائر لغات العرب، وقد كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ربي في هوازن ونشأ في هذيل. وجاء عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهما أنهما قالا: نزل القرآن بلغة كل حي من أحياء العرب. وفي رواية عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرئ الناس بلغة واحدة، فاشتد ذلك عليهم، فنزل


(١) انظر رواية مسلم في ص٧٩.