للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ مَعَاصِيهِمْ وَظُلْمِهِمْ.

وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ نِسْبَةُ هَذَا كُلِّهِ إِلَى التَّوْرَاةِ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى كَلِيمِهِ، فَلَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُ الْمُسْلِمِينَ مَا بَلَغَتْ لَكَانَتْ فِي جَنْبٍ ذَلِكَ كَتَفْلَةٍ فِي بَحْرٍ، وَلَا تَنْسَ قِصَّةَ أَسْلَافِهِمْ مَعَ شَاءُولَ الْخَارِجَ عَلَى دَاوُدَ، فَإِنَّ سَوَادَهُمُ الْأَعْظَمَ انْضَمَّ إِلَيْهِ، وَشَهِدُوا مَعَهُ عَلَى حَرْبِ دَاوُدَ، ثُمَّ لَمَّا عَادُوا إِلَى طَاعَةَ دَاوُدَ، وَجَاءَتْ وُفُودُهُمْ وَعَسَاكِرُهُمْ مُسْتَغْفِرِينَ مُعْتَذِرِينَ بِحَيْثُ اخْتَصَمُوا فِي السَّبْقِ إِلَيْهِ، فَتَتَبَّعُ مِنْهُمْ شَخْصٌ وَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: لَا نَصِيبَ لَنَا فِي دَاوُدَ وَلَا حَظَّ فِي شَاءُولَ، لِيَمْضِ كُلٌّ مِنْكُمْ إِلَى خِبَائِهِ يَا إِسْرَائِيلِيِّينَ فَلَمْ يَكُنْ بِأَوْشَكَ مِنْ أَنْ ذَهَبَ جَمِيعُ عَسْكَرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى أَخْبِيَتِهِمْ بِسَبَبِ كَلِمَتِهِ، وَلَمَّا قُتِلَ هَذَا الصَّائِحُ، عَادَتِ الْعَسَاكِرُ جَمِيعُهَا إِلَى خِدْمَةِ دَاوُدَ، فَمَا كَانَ الْقَوْمُ إِلَّا مِثْلَ هَمَجٍ رِعَاعٍ يَجْمَعُهُمْ طَبْلٌ وَيُفَرِّقُهُمْ عَصَا.

(فَصْلٌ) : وَهَذِهِ الْأُمَّةُ الْغَضَبِيَّةُ وَإِنْ كَانُوا مُفْتَرِقِينَ افْتِرَاقًا كَثِيرًا فَيَجْمَعُهُمْ فِرْقَتَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>