للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد ظهر من هذا الأمر الثالث أن الكثير إذا كان مخالفاً للبرهان يجب إرجاعه إلى القليل الموافق له، ولا يعتد بكثرته فكيف إذا كان الكثير موافقاً والقليل مخالفاً فإن التأويل فيه ضروري ببداهة العقل.

(الأمر الرابع) قد علمت في الأمر الثالث أنه ليس لله شبه وصورة وقد صرح به في العهد الجديد أيضاً في مواضع عديدة أن رؤية الله في الدنيا غير واقعة، في الآية الثامنة عشرة من الباب الأول من إنجيل يوحنا هكذا: "الله لم يره أحد قط" وفي الآية السادسة عشرة من الباب السادس من الرسالة الأولى إلى تيموثاوس: "لم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه" وفي الآية الثانية عشرة من الباب الرابع من رسالة يوحنا الأولى: "الله لم ينظره أحد قط" فثبت من هذه الآيات أن من كان مرئياً لا يكون إلهاً قط، ولو أطلق عليه في كلام الله أو الأنبياء أو الحواريين لفظ الله ومثله فلا يغتر أحدٌ بمجرد إطلاق مثل لفظ الله، ولا يدعي أن التأويل مجاز فكيف يرتكب لأن المصير إلى المجاز يجب عند القرينة المانعة عن إرادة الحقيقة سيما إذا دل البرهان القطعي على المنع، نعم يكون لإطلاق مثل هذه الألفاظ على غير الله وجه مناسب لكل محل، مثلاً إن إطلاقها في الكتب الخمسة المنسوبة إلى موسى عليه السلام على بعض الملائكة لأجل ظهور جلال الله فيه أزيد من الغير،.

<<  <  ج: ص:  >  >>