للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحوض. فقالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يارسول الله؟، فقال: أرأيت لو أن رجلا له خيل غر١ محجلة٢ بين ظهري خيل دُهُم بُهُم٣ ألا يعرف خيله؟. قالوا: بلى يارسول الله، قال: فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض ألا ليذادن رجال عن حوضى كما يذاد البعير الضال أناديهم ألا هلم، فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك فأقول سحقا سحقا" ٤.

فتلك عقوبة من حاد عن شرع المصطفى صلى الله عليه وسلم ومال عنه واستبدل به غيره. وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هلك المتنطعون" قالها ثلاثا٥.

قال النووي: " أي المتعمقون الغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم" ٦، فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر بهلاك كل من بالغ في التعمق في أمور الشرع وغلا فيها وتكلف في أمور لم ترد عن الشارع الكريم ولم تكن من مقصوده.

وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: "لست تاركا شيئا كان رسول الله


١ الغر: جمع الأغر، من الغرة بياض الوجه، يريد بياض وجوههم بنور الوضوء يوم القيامة. النهاية (٣/ ٣٥٤) .
٢ الحجل في صفة الخيل هو الذي يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد، ويجاوز الأرساغ ولا يجاوز الركبتين. النهاية (١/ ٣٤٦) .
٣ دُهُم: أي سود. النهاية (٢/ ١٤٥، ١٤٦) ، بُهُم: جمع بهيم وهو الذي لا يخالط لونه لون سواه. النهاية (١/ ١٦٧) .
٤ أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الطهارةك باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء (١/ ١٥٠، ١٥١) .
٥ أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب العلم: باب هلك المتنطعون (٨/ ٥٩) .
٦ شرح النووي لمسلم (١٦/ ٢٢٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>